في قبول الحديث ، وردّه ، وتمييز رواته ، ككونه عدلا ، أو ثقة ، أو مجهول الحال ، وقد ألّف العلماء من الفريقين مؤلّفات عديدة في هذين العلمين تمكّنوا بواسطتهما أن يعرفوا سند الحديث ، ومتنه ، وصحّته ، وضعفه ، وتشخيص رواته ، وهذا هو الميزان المتّبع عند علماء المسلمين قديما وحديثا في قبول الحديث ، وعدم قبوله ، وهذه هي الطريقة المتّبعة عند جميع أهل الملل والنحل من غير المسلمين في الحكم على الأخبار ، بالصحّة أو الفساد.
أمّا الطريق الذي اختلقه الحضرمي في قبول الحديث وردّه فهو لا يتّفق كما تعلمون مع طريق المسلمين بوجه ، ولا غير المسلمين من سائر الأديان بحال ، لأنّه لا ينظر إلى من روى ولا يتعرّف عنه بحسب الموازين الموضوعة في هذا الشأن ، وإنّما ينظر إلى ما روى ، فإنّ وافق ذاك هواه وشيطانه ، كان مقبولا عنده وإن كان راويه إبليس ، بل وإن كان ما يرويه مخالفا للقوانين الشرعية ، والأحكام الإسلامية ، ومخالفا للقرآن ، ولكل ما جاء به النبي الأمين (ص) ممّا نقله إلينا الثقات العدول ، من المحقّقين ، ووصل إلينا متواترا أو مستفيضا وذلك لأنّه لا ميزان لديه في ضبطه ، ولا معيار يرجع إليه في ردّه أو قبوله إلّا هو نفسه ، وليس لهوى النفس طبعا ما يقيدها أو يربطها كما هو المفروض في تعبيره ، فهو يسير على هواه في ذلك كلّه إلى ما شاء له هواه.
وهذه الطريقة لم يبتكرها لحدّ اليوم غير الحضرمي لأنّا لم نجد في علماء أهلّ السنّة وحفّاظها من المتقدّمين منهم والمتأخرين بل ولا في جهّالها وحمقائها من لا يرجع إلى ذينك العلمين في قبول الأخبار أو عدم قبولها ، اجتهادا أو تقليدا ، والذي يشهد عليه يا صاحبي في هذا قوله : (إنّي ما فاتحت عالما أو جاهلا من أهل السنّة بهذا الشأن إلّا أنكر عليّ ذلك وساء ظنّه بعقيدتي واتّهمني في ديني).