الصحبة لا تمنع من الخطأ
ولو كانت الصحبة بمجرّدها تمنع من الخطأ لمنعت صحبة السامري لنبي الله تعالى موسى بن عمران (ع) مع عظيم محلّه عنده ، وقربه لديه من الضلال باتّخاذه العجل والشرك بالله تعالى ، ولاستحال أيضا على أصحاب موسى (ع) كليم الله تعالى وهم ستمائة ألف إنسان أن يجتمعوا على خلاف نبيّهم وهو حيّ بين أظهرهم ، وخالفوا خليفته هارون (ع) مع دعوته لهم ، ووعظه إيّاهم ، وتحذيره لهم من الخلاف ، وهم لا يصغون إلى شيء من قوله ، ويعكفون على عبادة العجل من دون الله تعالى ، وقد شاهدوا الآيات والمعجزات ، وعرفوا الحجج والبيّنات ، كما نطق بذلك كلّه القرآن بل لو كان ذلك مانعا من الإثم والضلال لكان أصحاب عيسى معصومين من الارتداد في حين أنّهم فارقوه وعصوا أمره ، وغيّروا شرعه ، وافتروا عليه بأنّه (ع) كان يأمرهم بعبادته ، واتّخاذه إلها من دون الله تعالى ، تعمّدا منهم للكفر والضلال وإقداما منهم على العناد من غير شبهة ، ولا سهو ، ولا غفلة ، ولا نسيان ، على ما قصّه الله تعالى في القرآن.