تعالى : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف : ١٥٧]
الآية ؛ وربما موهّوا بالاستشهاد عليه بقولهم إن الجهّال المنكرين للباطل هم الذين
أريدوا بقوله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ
بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) [الحديد : ١٣].
وغرضهم الأقصى إبطال الشرائع ، فإنهم إذا انتزعوا عن العقائد موجب الظواهر قدروا
على الحكم بدعوى الباطن على حسب ما يوجب الانسلاخ عن قواعد الدين ، إذ سقطت الثقة
بموجب الألفاظ الصريحة فلا يبقى للشرع عصام يرجع إليه ويعول عليه.
وأما «القرامطة» فإنما لقبوا بها نسبة إلى رجل يقال له حمدان قرمط ، وكان أحد دعاتهم فى الابتداء ، فاستجاب له فى دعوته رجال
، فسموا قرامطة وقرمطية. وكان المسمى حمدان قرمط رجلا من أهل الكوفة مائلا إلى الزهد
، فصادفه أحد دعاة الباطنية فى طريق وهو متوجه إلى قريته وبين يديه بقر يسوقها ،
فقال حمدان لذلك الداعى ـ وهو لا يعرفه ولا يعرف حاله : «أراك سافرت من موضع بعيد
، فأين مقصدك؟» فذكر موضعا هو قرية «حمدان». فقال له حمدان : اركب بقرة من هذه
البقر لتستريح عن تعب المشى. فلما رآه مائلا إلى الزهد والديانة أتاه من حيث رآه
مائلا إليه فقال : إنى لم أومر بذلك ؛ فقال حمدان : وكأنك لا تعمل إلا بأمر؟ قال :
نعم. قال حمدان : وبأمر من تعمل؟ فقال الداعى : بأمر مالكى ومالكك ، ومن له الدنيا
والآخرة. فقال حمدان : ذلك إذن هو رب العالمين. فقال الداعى : صدقت ؛ ولكن الله
يهب ملكه لمن يشاء. قال حمدان : وما غرضك فى البقعة التى أنت
__________________