المحققون ، ولا عن كلمات إقناعية يستفيد منها المتوهمون ، فإن الحاجة إلى هذا الكتاب عامة فى حق الخواص والعوام ، وشاملة جميع الطبقات من أهل الإسلام ، وهذا هو الأقرب إلى المنهج القويم ، فلطالما قيل :
كلا طرفى قصد الأمور ذميم
المقام الثانى
فى التعبير عن المقاصد إطنابا وإيجازا
وفائدة الإطناب الشرح والإيضاح المغنى عن عناء التفكر وطول التأمل ، وآفته الإملال ؛ وفائدة الإيجاز جمع المقاصد وترصيفها وإيصالها إلى الأفهام على التقارب ، وآفته الحاجة إلى شدة التصفح والتأمل لاستخراج المعانى الدقيقة من الألفاظ الوجيزة الرشيقة ؛ والرأى فى هذا المقام الاقتصاد بين طرفى التفريط والإفراط ، فإن الإطناب لا ينفك عن إملال ، والإيجاز لا يخلو عن إخلال ، فالأولى الميل إلى الاختصار ؛ فلرب كلام قل ودل وما أمل.
المقام الثالث
فى التقليل والتكثير
ولقد طالعت الكتب المصنفة فى هذا الفن فصادفتها مشحونة بفنين من الكلام : فن فى تواريخ أخبارهم وأحوالهم من بدء أمرهم إلى ظهور ضلالهم ، وتسمية كل واحد من دعاتهم فى كل قطر من الأقطار ، وبيان وقائعهم فيما انقرض من الأعصار ، فهذا فن أرى التشاغل به اشتغالا بالأسمار ، وذلك أليق بأصحاب التواريخ والأخبار ، فأما علماء الشرع فليكن كلامهم محصورا فى مهمات الدين وإقامة البرهان على ما هو الحق المبين ؛ فلكل عمل رجال (١).
__________________
(١) يقصد الإمام الغزالى رحمهالله : الاختصاص.