الباب التاسع
فى إقامة البراهين الشرعية على أن الإمام القائم
بالحق الواجب على الخلق طاعته فى عصرنا هذا هو
الإمام المستظهر بالله (١) ، حرس الله ظلاله
والمقصود من هذا الباب : بيان إمامته على وفق الشرع ، وأنه يجب على كافة علماء الدهر الفتوى ، على البتّ ، والقطع ، بوجوب طاعته على الخلق ونفوذ أقضيته بمنهج الحق ، وصحة توليته للولاة وتقليده للقضاة ، وبراءة ذمة المكلّفين عند صرف حقوق الله تعالى إليه ، وأنه خليفة الله على الخلق ، وأن طاعته على كافة الخلق فرض.
فهذا باب يتعين ـ من حيث الدين ـ صرف العناية إلى تحقيقه وإقامة البرهان على منهج الحق وطريقه ، فإن الّذي يسير إليه كلام أكثر المصنفين فى الإمامة يقتضي ألا نعتقد فى عصرنا هذا وفى أعصار منقضية خليفة غير مستجمع لشرائط الإمامة ، متصف بصفاتهم ، فتبقى الإمامة معطّلة لا قائم بها ، ويبقى المتصدى لها متعديا عن شروط الإمامة غير مستحق لها ولا متصف بها وهذا هجوم عظيم على الأحكام الشرعية وتصريح بتعطيلها وإهمالها ، ويتداعى إلى التصريح بفساد جميع الولايات وبطلان قضاء القضاة وضياع حقوق الله تعالى وحدوده وإهدار الدماء والفروج والأموال ، والحكم ببطلان الأنكحة الصادرة من القضاة فى أقطار الأرض ، وبقاء حقوق الله تعالى فى ذمم الخلق ؛ فإن جميع ذلك لا يتأدى على وفق الشرع إلا إذا صدر استيفاؤها من القضاة ، ومصدر القضاة تولية الإمام ، فإن بطلت الإمامة بطلت التولية ، وانحلت ولاية القضاة والتحقوا بآحاد الخلق وامتنعت التصرفات فى
__________________
(١) راجع ص (٣).