من النبي ، ولكن
النهي منه تحريمي ومنه تنزيهي ، وبعبارة أُخرى : نهي تحريم ، ونهي كراهة ، وقد
استعمل النهي في كلمات الرسول في القسم الثاني كثيراً ، ولأجل ذلك حمله الفقهاء
على الكراهة ، فترى الترمذي يذكر هذا الحديث في صحيحه تحت عنوان كراهية تجصيص
القبور ، والسندي شارح صحيح ابن ماجة ينقل عن الحاكم النيسابوري أنّه لم يعمل بهذا
النهي (بالمضمون التحريمي) أحد من المسلمين ، بدليل أنّ سيرة المسلمين قائمة على
الكتابة على القبور.
وأمّا الكراهة
فربّما تكون مرتفعة بالنسبة إلى المصالح العظيمة المترتبة عليه ، كما إذا صار
البناء على القبر سبباً لحفظ الآثار الإسلامية ، وإظهار المودّة لصاحب القبر الذي
فرض الله مودّته على الناس ، أو يكون لاستظلال الزائر وتمكّنه من تلاوة القرآن وإهداء
ثوابه إلى صاحب القبر ، إلى غير ذلك من الأُمور التي يتمكّن الإنسان منها تحت
الظلّ لا تحت الشمس ولا في برد الليل ، فالنهي التنزيهي أشبه بالمقتضيات التي
ترتفع بأقوى منها.
* * *
الثالثة
: أحاديث ثلاثة في الميزان
فقد ورد في ذلك
المجال أحاديث أُخر نذكرها بسندها ومتنها : روى ابن ماجة في صحيحه ما يلي :
__________________