ما هو المراد من الرفع؟
قد تعرّفت على المقصود من البيوت ، فهلمّ معي ندرس معنى الرفع ، ومن حسن الحظّ أنّ المفسّرين لم يختلفوا فيه اختلافاً موجباً لغموض المعنى ، وذكروا فيه المعنيين التاليين :
الأول : إنّ المراد من الرفع هو البناء ، بشهادة قوله سبحانه : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) (النازعات / ٢٨) ، وقوله سبحانه : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ ...) (البقرة / ١٢٧).
الثاني : إنّ المراد هو تعظيمها والرفع من قدرها ، قال الزمخشري : رَفْعُها : إمّا بناؤها ، لقوله تعالى : (رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) و (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ ...) أمر الله أن تُبنى ، وإمّا تعظيمها والرفع من قدرها (١).
وقال القرطبي : ترفع : تُبْنى وتعْلى (٢).
وقال اسماعيل حقي البرسوي : أن ترفع : بالبناء ، والتعظيم ورفع القدر (٣).
وقال حسن صدّيق خان : المراد من الرفع ، بناؤها (أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) ورفع ابراهيم القواعد من البيت ، وترفع أي تعظّم وتطهر من الأنجاس عن اللغو ولها مجموع الأمرين (٤) ، إلى غير ذلك من الكلمات المتشابهة ، ولا حاجة إلى ذكرها ، إنّما المهم بيان دلالة الآية وتحقيقها.
__________________
(١) الزمخشري ، الكشاف ٢ : ٣٩٠ بتصرّف يسير بإضافة كلمة «أما».
(٢) القرطبي ، جوامع الأحكام ١٢ : ٢٦٦.
(٣) اسماعيل حقي البرسوي ، روح البيان ٦ : ١٥٨.
(٤) صديق حسن خان ، فتح البيان ٦ : ٣٧٢.