وقد اتّفقوا على
صحة الحديث ، حتى أنّ ابن تيمية ـ مُثيرَ هذه الشكوك ـ اعترف بصحّته وقال : وقد
روى الترمذي حديثاً صحيحاً عن النبيّ أنّه علّم رجلاً يدعو فيقول : ... ، وقد
أوردنا نصوص القوم في كتاب «التوسّل».
ومن زعم أنّ هذه
التوسّلات أساس الشرك ، فلينظر إلى المسلمين طيلة أربعة عشر قرناً ، فإنّهم ما
برحوا يتوسّلون بالنبي صلىاللهعليهوآله ، وما عدلوا عن سبيل التوحيد قيد شعرة.
إنّ إنشاء البناء
على قبر نبيّ التوحيد تأكيدٌ على مبدأ التوحيد ورسالته العالمية التي يشكل أصلها
الأول قوله سبحانه : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
وقد خرجنا عن هذه
الدراسة بالنتيجتين التاليتين :
١ ـ جواز البناء
على قبور الأولياء والصالحين ودعاة التوحيد فضلاً عن النبيّ وما ذلك إلّا أنّ
القرآن ذكر ذلك من دون أن يغمض فيه ، وليس القرآن كتاباً قصصيّاً ولا مسرحيّاً
للتمثيل ، بل هو كتاب هداية ونور ، فإن نقل شيئاً ولم يغمض عليه فهو دليل على أنّه
محمود عنده.
نرى أنّه سبحانه
يحكي كيفيّة غرق فرعون ويقول : (حَتَّى إِذا
أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ
بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (يونس / ٩٠).
ولمّا كانت تلك
الفكرة باطلة عنده سبحانه ، أراد إيقاف المؤمنين على أنّ الإيمان في هذا الظرف غير
مفيد ، فلأجل ذلك عقّب عليه بقوله : (آلْآنَ وَقَدْ
عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (يونس / ٩١).