المسوخ كما ترى (١).
فصل
نازع في هذا الحديث من اعترضه الشك فقال : نطق بلسان الحال أو بلسان المقال ، فقلت له : أما تسمع قول الله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) (٢) فجعله لمن يعقل ، ثم عطف على من لا يعقل فقال : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ، ثم قال : (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٣) ، أخبر سبحانه أن كل شيء يسبّح لربّه بلسان الحال ولسان المقال ، ولكن لسان المقال منه مستور عنكم لم يلزمكم الله بمعرفته ، لأن العفو هو الستر فلو كشف الستر عنه عرفتموه مثل تسبيح الحصى بكف رسول الله صلىاللهعليهوآله وإذا نطق الحصى الصوان بلسان المقال فلم لا ينطق الجري وهو حيوان ، وقوله : (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) ، يعني أن سائر المخلوقات غير المكلّفين يسبّحون ولا يسأمون ، وأنتم مع وجوب التكليف عليكم تنسون وتسأمون ، وهو مع جهلكم وسهوكم ، حليم عنكم وغفور لكم.
ومن ذلك ما رواه عبيد السكسكي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ عليا عليهالسلام لمّا قدم من صفين وقف على شاطىء الفرات ، وأخرج قضيبا أخضر وضرب به الفرات ، والناس ينظرون إليه فانفجرت اثنتى عشرة عينا كل فرق كالطود العظيم ثم تكلّم بكلام لم يفهموه ، فأقبلت الحيتان رافعة أصواتها بالتهليل والتكبير ، وقالت : السلام عليك يا حجّة الله في أرضه وعين الله الناظرة في عباده خذلك قومك كما خذل هارون بن عمران قومه ، فقال لأصحابه : سمعتم؟ فقالوا : نعم ، فقال هذه آية لي وحجّة عليكم (٤).
ومن ذلك من قضاياه الغريبات وحلّه للمشكلات ، أن رجلا حضر مجلس أبا بكر فادّعى
__________________
(١) بحار الأنوار : ٢٧ / ٢٧١ ح ٢٤.
(٢) الاسراء : ٤٤.
(٣) الاسراء : ٤٤ ـ ٤٥.
(٤) بحار الأنوار عن الخرائج : ٣٣ / ٤٦ ح ٣٩١.