فصل
[نشوء الحروف من الألف]
واعلم أن الكلام تناهى إلى الحروف ، والحروف إلى النقطة ، وهي الألف المفقود وينشأ عنه (٢٨) حرفا كما مرّ وهي الصورة الإلهية القائمة بذات الله ، وهي قسمان جلال وجمال ، وحروف الجلال قسم واحد وهي الحروف النارية ، وحروف الجمال ثلاثة أقسام وليس في الحروف حرف إلّا وهو صادر عن الألف وهو شهادة الوجود والموجود بوحدانية الربّ المعبود ، وهي محيطة بكل شيء وهو بكل شيء محيط كما قيل :
ففي كل شيء له آية |
|
تدلّ على أنّه واحد |
فصل
[تركيب الأسماء من سرّ الحروف]
ومن سرّ الحروف تتركّب الأسماء ، ولكل كلمة ظاهر وباطن ، والظاهر لأهل التقليد ، والباطن لأهل التحقيق والتجريد ، لأنّ الظاهر جسم الروح وقشوره ، والباطن روح الجسم ولبابه ، والناس على أربعة أقسام : قسم لهم حظّ من الظاهر والباطن ، وهم الراسخون في العلم ، وقسم ليس لهم حظّ في الظاهر والباطن وهم الكفّار ، وقسم ليس لهم حظ في الظاهر دون الباطن وهم المحجوبون في الظلمة المقرون بالنبوّة دون الإمامة ، وقسم ليس لهم حظ من الباطن دون الظاهر وهم عقلاء المجانين.
وروى ابن عباس في قوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) (١) قال : معناه شرحناه شرحا بيّنا بحساب الجمل فهم من فهم وهذا هو العلم الذي أسرّه الله إلى نبيّه ليلة المعراج
__________________
(١) الاسراء : ١٢.