المحسوس شيئان : قديم وعرض ، وطريق العلم بهما النظر دون الخبر. فقيل له : على هذا الأصل ، كيف عرفت ان محمدا صلىاللهعليهوسلم وسائر الأنبياء والملوك كانوا في الدنيا؟ فقال : ان الذين شاهدوه اقتطعوا منه حين رأوه قطعة توزعوها بينهم ووصلوها بارواحهم ، فلما اخبروا التابعين عن وجوده خرج منهم مفرق تلك القطعة فاتصل بالتابعين ، فعرفوه به عند خبرهم لاتصال / ارواحهم بحرفيه. وهكذا قصة الناقلين عن التابعين ، ومن بعدهم الى ان وصل إلينا. ـ فقيل له : قد علمت اليهود والنصارى وسائر الكفرة بكون نبينا صلىاللهعليهوسلم فقد اتصلت (قطعة منه) بارواحهم ، ويجب اتصال قطعة من المشركين الذين في النار اذا سمع كل واحد من الفريقين خبر الآخر! ـ وكفاه بهذا خزيا (١).
والفضيحة الثانية عشر (٢) له : قوله بان الله تعالى خلق الناس والبهائم والجمادات والنبات في وقت واحد ، وان خلق آدم لم يتقدم خلق اولاده. غير ان الله عزوجل اكمن بعض الأشياء في بعض والتقدم والتأخير انما يقع في ظهور الاشياء من أماكنها دون اختراعها. وهذه البدعة زائدة على قول من قال من الرافضة المعني به ان الله تعالى خلق ظلال الناس / معا ، ثم عرض عليهم بيعة علي (٣). وفيه تكذيب لما اجتمع عليه المسلمون واهل الذمة من ان الله تعالى خلق اللوح والقلم قبل سائر خلقه. وقوله بكمون (٤) بعض الاجسام في بعض شيء من قول من قال من الدهرية بكمون الاعراض في الاجسام ، وزعم ان تغير الجسم من
__________________
(١) ما جاء في الفضيحة الحادية عشرة هنا متفق مع ما جاء في الفضيحة الثانية عشرة في كتاب «الفرق» مع بعض الايجاز هنا (انظر «الفرق» ط. بدر ص ١٢٥ ـ ١٢٦ ، الكوثري ص ٨٥ ـ ٨٦ ، عبد الحميد ص ١٤٠ ـ ١٤١). يضاف هنا (قطعة منه) لتوضيح للعنى.
(٢) لم يذكر في المخطوط هنا ما جاء في الفضيحة الثالثة عشرة في كتاب «الفرق» ما حكاه الجاحظ عنه من قوله بتجدد الجواهر والاجسام حالا بعد حال (انظر «الفرق» ط. بدر ص ١٢٦ ، الكوثري ص ٨٦ ، عبد الحميد ص ١٤١) فلم تذكر هذه المسألة قط في المخطوط هنا. ـ اما الفضيحة الثانية عشرة الواردة في المخطوط هنا تقابل الفضيحة الرابعة عشرة الواردة في كتاب «الفرق» (انظر «الفرق» بدر ص ١٢٧ ، الكوثري ص ٨٦ ، عبد الحميد ص ١٤٢).
(٣) الكلام من «وهذه البدعة زائدة ... الى بيعة علي» غير وارد في كتاب «الفرق».
(٤) بكمون : جاء في المخطوط : يكون.