والفضيحة الثانية / من فضائح النظام قوله بان الانسان هو الروح ، وهو جسم لطيف مداخل هذا الجسم الكثيف ، مع قوله ان الروح هي الحياة ، وانه جوهر واحد غير متضاد. وفي هذا القول من الفضائح فنون ، منها ان الانسان لا يدرك بشيء من الحواس ، وانما يرى ويلمس الجسد الذي فيه الانسان. ومنها انه يوجب ان الصحابة ما رأوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وانما رأوا قالبا فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ويوجب ان احدا ما رأى اباه ولا أمه واخاه ، وانما رأى قوالبهم. واذا زعم ان الانسان غير قالبه لزمه مثل ذلك في الملائكة وفي كل حيوان : فلا يكون الذي قد رأى جبريل ، ولا احد رأى جمادا ولا فرسا ، وانما رأى قوالب هذه الحيوانات. وقيل له : اذا كان الانسان هو الروح وهو الزاني / السارق ، وهو غير الجسد ، والجلد والقطع وافعال على الجسد فقد قطع غير السارق ، وجلد غير الزاني (١).
والفضيحة الثالثة ، قوله بان الروح حي لنفسه ، ومستطيع لنفسه. فان أجاز على الروح الموت والعجز بطل قوله انه حي مستطيع لنفسه ، لوجود نفسه في حال موتها وعجزها. وان زعم ان الموت والعجز يحلان الجسد دون الروح ، فقد جعل الذي يموت من لم يكن حيا قط ، والذي يعجز من لم يكن قادرا قط. وان قال ان الروح تحيا وتقدر لنفسها ، وانما تموت او تعجز لانه يطرأ عليها (٢) لم ينفصل ممن قال ان الروح ميتة عاجزة لنفسها ، وانما يختار ويقدر بصفة يطرأ عليها.
والفضيحة الرابعة قوله بان الروح جنس واحد ، وافعالها جنس واحد ، وان الاجسام ضربان : حي وميت : وان الحي / منها محال ان يصير ميتا ، وان الميت منها محال ان يصير حيا. وانما اخذ هذا القول من الثنوية الديصانية (٣) في قولها ان النور من شأنه الارتفاع ، والظلام موات ثقيل من شأنه
__________________
(١) الكلام في هذه الجملة الاخيرة مضطرب. المقصود منه : الجلد والقطع لا يقعان على الجسد ، فيكون قد قطع غير السارق ، وجلد غير الزاني.
(٢) الكلام هنا ناقص ـ المقصود هنا : لانه يطرأ عليها الموت او العجز.
(٣) جاء في «الفرق» : بدر ص ١١٩ : الثنوية البرهانية ، الكوثري ص ٨٢ : الثنوية البرهمية ؛ عبد الحميد ص ١٣٦ : الثنوية البرهميّة.