التسفل ، ومحال ان يصير الميت الثقيل حيا خفيفا ، وان يصير الحي الخفيف ثقيلا ميتا. ثم ان النظام فسر هذه البدعة : فانه قال ان الحيوان كله جنس واحد (١) ، لا يفارقه في توليد الادراك ، فزعم ان الجنس الواحد لا يكون منه عملان مختلفان ، كما لا يكون من النار تبريد وتسخين ، ولا من الثلج تبريد وتسخين. وهذا تحقيق قول الثنوية ان النور يفعل الخير دون الشر ، وان الظلام يفعل الشر دون الخير ، وان الفاعل الواحد لا يفعل فعلين متضادين ، كما لا يكون من النار ولا من الثلج تبريد وتسخين معا. واعجب من هذا انه صنف / كتابا على الثنوية والزمهم فيه استحالة مزاج النور والظلمة إذ (٢) كانا عنده مختلفين في الجنس والعمل ، وكانت جهات حركتيهما مختلفة. ثم زعم ان الروح تداخل الجسد ، وهي خفيفة ، تتحول بطبعها الى فوق ، والجسد ثقيل متحرك الى اسفل. والمداخلة في المختلفين ابعد من المجاورة والمزاج بينهما.
والفضيحة الخامسة قوله بان النار من شأنها انها تعلو كل شيء (٣) ، وانها اذا سلمت من الشوائب (الحابسة) (٤) لها في هذا العالم ، علت وجاوزت السموات والعرش ، الى (٥) ان يلقاها من جنسها ما يتصل به. فلا تفارقه. وكذلك قال في الروح ، اذا فارق الجسد ارتفع واحيا ، وهذا معنى قول الثنوية ان الذي شاب من اجزاء النور بأجزاء الظلمة (٦) اذا انفصلت منها وارتفعت الى عالمها ، فان كان / ثبتت النار والروح عالما تخلصان إليه بعد الانفصال ، فهو ثنوي.
__________________
(١) في المخطوط : فأن ـ في كتاب الفرق الكلام من : «فان قال ان الحيوان كله جنس واحد ... الى آخر الفقرة» هو الفضيحة الخامسة (بدر ص ١٢٠ ، الكوثري ص ٨٣ ، عبد الحميد ص ١٣٧) بينما هنا ألحق هذا الكلام بالفضيحة الرابعة.
(٢) في المخطوط : اذا.
(٣) الكلام هنا خاص بالفضيحة السادسة في كتاب «الفرق» (بدر ص ١٢٠ ، الكوثري ص ٨٣ ، عبد الحميد ص ١٣٧).
(٤) جاء في المخطوط «الخامسة».
(٥) في المخطوط : الا.
(٦) «إذ الذي شاب من اجزاء النور باجزاء الظلمة اذا انفصل منها ارتفع الى عالم النور» كما جاء في كتاب «الفرق» (بدر ص ١٢١ ، الكوثري ص ٢٨٣ ، عبد الحميد ص ١٢٧). ولكن جاء في المخطوط هنا : ان الذي شاب من اخر النور بأجزاء الظلمة.