نعيم اهل الجنة ، ولا على ان يزيد في عذاب اهل النار شيئا ، ولا على ان ينقص من عذابهم شيئا ، لان الزيادة فيه والنقصان منه ظلم ، ولا يقدر على الظلم. وزعم أيضا انه غير قادر على اخراج احد من اهل الجنة عنها.
وقال أيضا انه لا يقدر ان يعمي بصيرا ، ولا على ان يمرض صحيحا ، ولا على ان يفقر غنيا اذا علم ان البصر والصحة والغنى اصلح لهم.
وزعم أيضا انه لا يقدر على ان يخلق حية او عقربا او جسما فعلم ان خلق غيره اصلح من خلقه.
ـ ثم قال : لو ان طفلا وقف على شفير جهنم لم يكن الله تعالى قادرا على طرحه فيها ، وقدرت الزبانية (١) على طرحه فيها ، وقد اكفرته (٢) البصرية من المعتزلة في هذا (٣) ، وقالوا : لا فرق بين قول النظام انه يكون من الله / تعالى ما لا يوصف بالقدرة على ضده وبين قول من زعم انه مطبوع على فعل لا يصح منه خلافه. وهذه الشناعة ساقطة عن اصحاب الحديث ، لانهم قالوا ان الله تعالى قادر على ما يصح حدوثه وعلى اخراج اهل الجنة منها ، وعلى اخراج المشركين من النار ، وانما اوجبوا التحليل من جهة طريق الخير ، ووصفوه بالقدرة على الزيادة في نعيم اهل الجنة وفي عذاب اهل النار ، وعلى ان ينقص منهما ، وقالوا : كل ما فعله من مقدوراته لا يكون شيء منه ظلما. فاما قدرته على كذب يكون به كاذبا فمحال ، لان صدقه من صفاته الأزلية ، وان كان هو الخالق لكذب غيره. كما انه لما كان علمه من صفاته الأزلية استحال ان يكون قادرا على جعل (٤) بصيرته جاهلا ، وان كان خالقا لجهل غيره (٥).
__________________
(١) الزبانية : «ملائكة غلاظ شداد» تطرح الهالكين الى النار الابدية ـ قرآن كريم ٦٦ : ٦.
(٢) اكفرته : الأصح كفرته.
(٣) الكلام من : ثم قال : «لو ان طفلا ... في هذا» غير وارد في كتاب «الفرق».
(٤) في المخطوط : جهل بصيرته جاهلا ، لا شك ان «جهل» هنا وردت خطأ من قبل الناسخ.
(٥) الكلام من «وهذه الشناعة ساقطة عن اصحاب الحديث ... الى لجهل غيره» غير وارد في كتاب «الفرق».