الفرق ، وهو قول البيهسية بان الذنوب كلها شرك ، وان كل ذنب لم يحكم الله فيه حكما مغلظا فهو مغفور. فكأن العقل في رأيهم لا يستطيع تحديد الذنوب ، بل الشرع هو الذي يحددها.
فالبغدادي مصيب عند ما قال : قد ذكرنا في كتاب «الملل والنحل» مذاهب الاباضية والبيهسية. وفعلا ، مواقف هاتين الفرقتين الواردة في المخطوطة تبرز ما تميزت به جوهريا هاتان الفرقتان عن باقي فرق الخوارج.
اما ما ذكر عن الاباضية في «مختصر كتاب الفرق» للرسعني فهو ملخص لما جاء في كتاب «الفرق بين الفرق» وهذا نصه :
ذكر الاباضية : اجمعوا على إمامة عبد الله بن اباض. وافترقوا فرقا يجمعها القول باكفار هذه الامة وانهم ليسوا بمؤمنين ولا مشركين ولكنهم كفار. ـ واجازوا شهادتهم ، وحرموا دماءهم سرا واستحلوها علانية ـ وصححوا مناكحتهم والتوارث منهم ، ـ واستحلوا من اموالهم الخيل والسلاح ـ فاما الذهب والفضة فانها تردّ الى اصحابها ـ (مختصر الفرق ص ٨٧ ـ ٨٨).
وما جاء في المخطوطة عن الاباضية فلا أثر له في هذا المختصر.
اما البيهسية فلا ذكر لهم في «مختصر الفرق».
ب ـ هكذا يتضح لنا معنى قول عبد القاهر البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» (ط. بدر ص ٨٩ ؛ ط. الكوثري ص ٦٥ ؛ ط. عبد الحميد ص ١٠٩) : «ان للاباضية والبيهسية بعد هذا مذاهب قد ذكرناها في كتاب «الملل والنحل» وفيما ذكرنا منه في هذا الكتاب كفاية» ـ وفي هذا الكلام تصريح منه أيضا بانه وضع كتاب «الملل والنحل» قبل كتاب «الفرق بين الفرق».
ـ والترتيب الواضح في كتاب «الفرق بين الفرق» في عرض مواقف الفرق وتمييز اصحاب الفرق من الغلاة منهم ، وتخصيص باب منفرد لهؤلاء الغلاة ، دليل على ان المحاولة الثانية التي قام بها عبد القاهر عند ما انشأ كتاب «الفرق بين الفرق» جاءت اوضح من المحاولة الاولى التي قام بها في كتاب «الملل والنحل».