الذى يبرّ به قسمه ، مثل أن يحلف على النّزول بمكان ، فلو وقع به وقعة خفيفة أجزأته ، فتلك تَحِلَّة قسمه. فالمعنى لا تمسّه النار إلّا مسّة يسيرة مثل تَحِلَّةِ قسم الحالف ، ويريد بِتَحِلَّتِهِ الورود على النار والاجتياز بها. والتاء في التّحلّة زائدة.
(ه) ومنه الحديث الآخر «من حرس ليلة من وراء المسلمين متطوّعا لم يأخذه الشيطان ولم ير النّار تمسّه إلّا تَحِلَّةَ القسم ، قال الله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها)
ومنه قصيد كعب بن زهير :
تخدى على يسرات وهى لاهية (١) |
|
ذوابل وَقْعُهُنَّ الأرض تَحْلِيل |
أى قليل ، كما يحلف الإنسان على الشى أن يفعله فيفعل منه اليسيريُحَلّل به يمينه.
(ه) وفي حديث عائشة «أنها قالت لامرأة مرّت بها : ما أطول ذيلها؟ فقال : اغتبتيها ، قومى إليها فَتَحَلَّلِيها» يقال تَحَلَّلْتُه واسْتَحْلَلْتُه : إذا سألته أن يجعلك في حلّ من قبله.
(ه) ومنه الحديث «من كان عنده مظلمة من أخيه فَلْيَسْتَحِلَّه».
(ه) وفي حديث أبى بكر «أنه قال لامرأة حلفت أن لا تعتق مولاة لها ، فقال لها : حِلَّا أمّ فلان ، واشتراها وأعتقها» أى تَحَلَّلِي من يمينك ، وهو منصوب على المصدر.
ومنه حديث عمرو بن معدى كرب «قال لعمر : حِلَّا يا أمير المؤمنين فيما تقول» أى تَحَلَّلْ من قولك.
وفي حديث أبى قتادة «ثم ترك فتَحَلَّلَ» أى لما انْحَلّتْ قواه ترك ضمّه إليه ، وهو تفعّل ، من الحَلِ نقيض الشّد.
وفي حديث أنس «قيل له : حدّثنا ببعض ما سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال وأَتَحَلَّلُ» أى أستثنى.
(ه) وفيه «أنه سئل : أىّ الأعمال أفضل؟ فقال : الحَالّ المرتحل ، قيل : وما ذاك؟ قال : الخاتم المفتتح ، وهو الذى يختم القرآن بتلاوته ، ثم يفتتح التّلاوة من أوّله ، شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحلّ فيه ، ثم يفتتح سيره : أى يبتدؤه. وكذلك قرّاء أهل مكة إذا ختموا القرآن
__________________
(١) هكذا في الأصل وا. والذى في اللسان وشرح ديوان كعب ص ١٣ «لاحقة» أى ضامرة.