بالتّلاوة ابتدأوا وقرأوا الفاتحة وخمس آيات من أوّل سورة البقرة إلى «وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» ، ثم يقطعون القراءة ، ويسمّون فاعل ذلك : الحَالّ المرتحل ، أى ختم القرآن وابتدأ بأوّله ولم يفصل بينهما بزمان. وقيل : أراد بالحَالّ المرتحل الغازى الذى لا يقفل عن غزو إلّا عقبه بآخر.
وفيه «أَحِلُّوا الله يغفر لكم» أى أسلموا ، هكذا فسر في الحديث. قال الخطّابى : معناه الخروج من حظر الشّرك إلى حِلِ الإسلام وسعته ، من قولهم أَحَلَ الرجل إذا خرج من الحرم إلى الحِلّ. ويروى بالجيم ، وقد تقدم. وهذا الحديث هو عند الأكثرين من كلام أبى الدرداء. ومنهم من جعله حديثا.
(ه) وفيه «لعن الله المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ له» وفي رواية «المُحِلَ والمُحَلَ له».
وفي حديث بعض الصحابة «لا أوتى بحَالٍ ولا مُحَلَّلٍ إلّا رجمتهما» جعل الزمخشرى هذا الأخير حديثا لا أثرا. وفي هذه اللفظة ثلاث لغات : حَلَّلْتُ ، وأَحْلَلْتُ ، وحَلَلْتُ ؛ فعلى الأولى جاء الحديث الأوّل ، يقال حَلَّلَ فهو مُحَلِّلٌ ومُحَلَّلٌ له ، وعلى الثانية جاء الثانى ، تقول أَحَلَ فهو مُحِلٌ ومُحَلٌ له ، وعلى الثالثة جاء الثالث ، تقول حَلَلْتُ فأنا حَالٌ ، وهو مَحْلُول له. وقيل أراد بقوله لا أوتى بحَالٍ : أى بذى إِحْلال ، مثل قولهم ريح لاقح : أى ذات إلقاح. والمعنى في الجميع : هو أن يطلّق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوّجها رجل آخر على شريطة أن يطلّقها بعد وطئها لتحلّ لزوجها الأوّل. وقيل سمى مُحَلِّلا بقصده إلى التَّحْلِيل ، كما يسمّى مشتريا إذا قصد الشّراء
وفي حديث مسروق «في الرجل تكون تحته الأمة فيطلّقها طلقتين ، ثم يشتريها ، قال : لا تَحِلُ له إلا من حيث حرمت عليه» أى أنها لا تَحِلُّ له وإن اشتراها (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ). يعنى أنها كما حرمت عليه بالتّطليقتين فلا تَحِلُ له حتى يطلّقها الزوج الثانى تطليقتين فتَحِلُّ له بهما كما حرمت عليه بهما.
وفيه «أن تزانى حَلِيلَةَ جارك» حَلِيلَةُ الرجل : امرأته ، والرجل حَلِيلُها ؛ لأنها تحلّ معه ويحلّ معها. وقيل لأن كل واحد منهما يحلّ للآخر.