كل وقت ولكل بصر ؛ لأن الفعل وقع في سياق النفي المطلق ، والأبصار جمع معرّف بالألف واللام ، وكل ذلك يوجب الاستغراق ويفيد القطع في مثله على المختار ، وهذه المسألة أيضا مما يصح الاستدلال عليها بالسمع ، وتشكيك الرازي ونحوه فيها لا يسمع.
قالوا : قال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٣] وفي الحديث : «سترون ربكم يوم القيامة كالقمر ليلة البدر».
قلنا : معنى قوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) : منتظرة لرحمته إذ ذلك أحد معانيه ويوجب حمله عليه ما تقدم من الأدلة فدون ذلك يصرف عن حمل المشترك على معانيه الغير متنافية إلى أحدها ، والنظر قد ورد بمعنى الانتظار كثيرا كقوله تعالى : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل : ٣٩] أي منتظرة ، وقوله تعالى حاكيا عن الأشقياء : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) [الحديد : ١٣] أي انتظرونا ، وقوله تعالى : (وَقُولُوا انْظُرْنا) [البقرة : ١٠٤] أي انتظرنا ، قال الشاعر حسان بن ثابت :
إلى الرحمن باني بالخلاص |
|
وجوه يوم بدر ناظرات |
والخبر (١) مقدوح فيه بروايته عن قيس بن أبي حازم (٢) وجرير بن عبد الله البجلي (٣) ، فإن صح مع بعده فمعناه ستعلمون ربكم كقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) [الفرقان : ٤٥] ، ورأيت الله إذ ..... البيت (٤) ، وغير ذلك مما يكثر تعداده ، ومع ذلك فهو ظني لا يقاوم القاطع ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) انظر الينابيع للأمير الحسين ـ عليهالسلام ـ صفحة (١٣١ طبعة بدر) فقد بيّن الأمير ـ عليهالسلام ـ جرحه بما فيه كفاية ، وقد أشبع المحقق في الهامش الموضوع ، ونقل في جرح قيس عن أهل الجرح ورجاله ما يشفي ويكفي فلا نطيل الكلام بذلك.
(٢) قيس بن أبي حازم : البجلي أبو عبد الله الكوفي وثقه القوم ، قال ابن حجر : من الثانية مخضرم ، ويقال له روية يعني أنه صحابي ، قال : مات بعد التسعين أو قبلها ، وقد جاوز المائة وتغيّر ، راجع التقريب.
(٣) جرير بن عبد الله البجلي : صحابي مشهور مات سنة ٥١ ، وقيل : بعدها ، انظر التقريب.
(٤) تمام البيت :
رأيت الله إذ سمى نزارا |
|
وأسكنهم بمكة قاطنينا. |