(المسألة السادسة : أن الله تعالى قديم)
ومعنى القديم في اللغة : هو ما تقادم وجوده ، ومنه (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس : ٣٩] (ومعنى القديم) في الاصطلاح : (هو الأول الذي لا أول لوجوده).
وقد اشتملت هذه المسألة على طرفين : أحدهما : أنه تعالى موجود ، والثاني : أنه تعالى لا أول لوجوده ، ولا خلاف بين أهل الإسلام وكثير من الفرق الكفرية ، وهم المقرون بالصانع كاليهود والنصارى والبراهمة وبعض عبدة الأصنام في أنه موجود ، وأما الباطنية فلعلهم يقولون في هذه المسألة كقولهم في سائر الصفات ، ولا يحتاج إلى الاستدلال على وجوده عند من جعل الوجود هو ذات الموجود (١).
وأما جمهور المعتزلة فيجعلونه زائدا على الذات شاهدا وغائبا فاحتاجوا إلى الاستدلال وصحة ما يقولونه مبنية على أن المعدوم ذات ، والدليل على أنه موجود أنه
__________________
(١) الذين يقولون أن الوجود هو ذات الموجود ، وينفون الأحوال التي قال بها بعض المعتزلة هم الشيخان : أبو الحسين والخوارزمي من المعتزلة : والمحققون من الأشعرية كالغزالي والجويني والرازي ، فقالوا : إن الكون هو نفس الكائنية ، وإن العلم هو نفس العالمية ، والأسودية هي نفس السواد ، وطردوا القول هكذا في جميع الأعراض ، ولا حقيقة للعلة ولا للمعلول ، وقرر هذا القول العلامة الشرفي ـ رحمهالله ـ في شرح الأساس ، أما القائلون بالأحوال فعندهم أن الكائنية معللة بالكون ، والقادرية معللة بالقدرة ، والأسودية معللة بالسواد ، وطردوا ذلك في جميع الأعراض ، هذا عند بعض الأشاعرة ، وأما أبو هاشم ومتابعوه فقالوا : هي على أربعة أنواع : الأول منها : حال يوجب للجملة ، وهذا هو الأعراض المشروطة بالحياة فالقدرة عندهم توجب حالة للجملة هي القادرية ، والعلم توجب حالة هي العالمية ، وهكذا القول في الشهوة والنفار.
الثاني : توجب حالة لمحله ، وهذا هو الكون ، فإنه يوجب حالة لمحله هي الكائنية.
الثالث : لا توجب حالة لمحله ، وإنما توجب حكما ، وهذا نحو الاعتماد ، فإنه يوجب حكما وهو المدافعة للمحل.
الرابع : لا توجب لمحله لا حالة ولا حكما عندهم ، وهذا نحو المدركات من الأعراض ، فإنها لا توجب عندهم لا حالة ولا حكما. لخصنا هذا من شرح الأساس ، وهو نقله من الشامل للإمام يحيى بن حمزة ـ عليهمالسلام ـ.