ظاهر ، فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم نص على إمامتهما نصا صريحا لا يحتمل التأويل ، ولا يلزم ثبوت إمامتهما في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو زمن علي أو إمامة الحسين في وقت إمامة الحسن ـ عليهالسلام ـ ؛ لأن الإجماع قد أخرج هذه الأوقات ، ويبقى ما عداها داخلا في الدلالة ، ولذلك قال المصنف : (ولا شكّ أن إمامة الحسن قبل الحسين بالإجماع).
ومن الأدلة على إمامتهما أنهما أفضل الخلق بعد أبيهما ، وقد تبين بالدليل أن الأفضل أولى بالإمامة من غيره ، والقول بأن الحسن كان أفضل هو المختار ، ودليله إجماع العترة على ذلك.
وأما الرد على من زعم أن الحسن كان إماما ، ثم كفر بالتحكيم ، أو بتسليم الأمر إلى معاوية ، وعلى الفرقة التي زعمت أن معاوية هو الإمام ؛ لأن الحسن سلّم الأمر طائعا ، وهؤلاء هم المتسمون بأهل الجماعة لقولهم : بأن العام الذي سلّم فيه الأمر لمعاوية على زعمهم عام الجماعة ، وفرقة زعمت أنه الإمام وطريق الإمامة الغلبة عندهم.
فأما الكلام على الفرقتين اللتين كفّرتاه فهو ما نردّ به على الخوارج في التحكيم وبما ذهب إليه الأكثر من المسلمين إلى أن صلح الحسن ـ عليهالسلام ـ كان صوابا لا تخطئة فيه ولا تأثيم ؛ لأنه لم يصالح إلا بعد أن خذله أعوانه وخشي على نفسه وأهل بيته الاستئصال ، ولا شك حينئذ في صواب السكون والهدنة ، وأنه الأصلح والأرجح لدفع المضار والأمن من الاستئصال ، ولا نزاع أنه يجوز للإمام المهادنة لمصلحة كما جاز لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصالح الكفار عام الحديبية مع انطواء الصلح أنه يردّ عليهم من جاءه من المسلمين ، ولا يردون إليه أحدا ، ولم يصالح الحسن عن ترك الإمامة ولا تخلى عنها ، بل على أمانه وأصحابه وارتفاع الحرب ، وأنه لا يجري عقد لأحد حتى يموت معاوية ، ولكن معاوية غدر ولم يقع منه ، وفاء ، فاحتال في البيعة ليزيد (١) قبل أن يموت.
__________________
(١) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ، هلك عام ٦٤ ه.