مُتَشابِهاً) [الزمر : ٢٣] فوصفه بأنه منزل ، والقديم لا يصح عليه النزول ، ووصفه بالحسن والحسن من صفات الأفعال ، ووصفه بالحديث ، والحديث نقيض القديم باعتبار أصل وضعه ، وإن كان المراد به في الآية الكلام ، لكنه لم يسم حديثا إلا لكونه محدثا فيدل على حدوثه ، وقال تعالى : (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) [الأحقاف : ١٢] ردا على الذين قالوا : هذا إفك قديم. وما كان قبله غيره فهو محدث.
قالوا : قال الله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس : ٨٢] قالوا : فإن كان قوله : كن قديما فهو المطلوب ، وإن كان محدثا احتاج إلى كن آخر فيتسلسل.
والجواب : لا شك أن لفظ (كن) حرفان يتقدم بعضهما على بعض ويعدم ثاني وجودها وذلك لا يتأتى في القديم.
وأيضا فالآية على مذهبنا أدل ؛ لأنه تعالى أخبر بأنه إذا أراد شيئا قال له كن ، وإذا للشرط والشرط إنما يدخل في المستقبل ، فيجب أن تكون الإرادة حادثة وأن يكون لفظ (كن) مقارنا لها.
قالوا : القرآن يشتمل على أسماء الله تعالى ، والاسم هو المسمى ، فيجب أن يكون القرآن قديما ، واستدلوا على أن الاسم هو المسمى بقوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى : ١] وكذلك فأحدنا يقول : طلقت زينب وأعتقت سعدا ، والطلاق إنما يقع على الشخص المسمى ، وكذلك إذا حلف أحدنا فقال : والله وبالله ، ويقول باسم الله ، قال الشاعر :
إلى الحول ثم السلام عليكما |
|
ومن بيك حولا كاملا فقد اعتذر |
والجواب : لو كان الاسم هو المسمى لكان إذا ذكر أحدنا النار احترق فمه ، قال :
لو أن من قال نارا أحرقت فمه |
|
لما تفوّه باسم النار مخلوق |