(المسألة الثامنة عشرة : في القرآن الكريم)
قال الإمام عز
الدين بن الحسن ـ عادت بركاته ـ : وجه الصحة في ذكر الكلام في القرآن في باب العدل
، أن العدل لما كان كلاما في أن الله لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب ، والقرآن
لطف لنا وبيان لما كلفناه ، واللطف والبيان واجبان على الله تعالى ذكر في باب
العدل ؛ لأنه من قبيل الواجب على الله تعالى.
قال الإمام يحيى ـ
عليهالسلام ـ في حد القرآن
الكريم : هو الكلام الذي نزل به جبريل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تعبدنا بتلاوته المنقول نقلا متواترا.
إذا عرفت ذلك ،
وأن القرآن جنس من الكلام ، فلنتكلم على ذكر حقيقة الكلام وفاعله وهو المتكلم.
أما الكلام : فهو
ما انتظم من الحروف المسموعة المتميزة ، قلنا : ما انتظم تشبيها بالنظام الحقيقي
لتواليه على السمع ، وقلنا : من الحروف ؛ لأن الحرف الواحد لا يكون كلاما ، وقلنا
: المتميزة احترازا من صرير الباب وأصوات البهائم ، وقلنا : المسموعة احترازا من
الكتابة ، ولا يعتبر فيه الإفادة ؛ لأنها إنما تعتبر في الكلام الاصطلاحي لا
اللغوي ، وذلك متفق عليه.
وأما المتكلم :
فهو عندنا فاعل الكلام بدليل أن من علمه فاعلا للكلام علمه متكلما ومن لم يعلمه
فاعلا له لم يعلمه متكلما.
والخلاف في ذلك مع
أبي الحسين وابن الملاحمي فقالا : المرجع بالكلام إلى صفة للجسم ، وقال أبو علي :
الكلام معنى زائد على الحروف والأصوات يسمع معها تقارن الملفوظ والمكتوب والمحفوظ
، وقال بعض الأشعرية : بل الكلام معنى في نفس المتكلم ، وتسمية هذا المسموع كلاما
مجاز وهذه مباهتة.
وقال بعضهم : بأنّ
هذا المسموع كلام ، ويدعون إثبات كلام آخر قائم بالنفس