بَعْضٍ) (١).
فيلاحظ أنّ النصرة والأنصاري ليس مطلق المعاضدة فضلا عن أنّ تكون هي كل مسلم كان موطنه المدينة فليس كلّ أوسي أو خزرجي أو غيرهما ممن حول المدينة هو أنصاري بل من آمن وآوى وعزّر ووقّر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم واتّبع النّور الذي أنزل مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان ذلك كلّه في الله وإلى الله كان أنصاريا.
فمن ثم سنرى أنّ في سورة التوبة ـ كما يأتي الحديث عنها ـ تقسم كلّ من أهل المدينة وغيرهم ممّن انتقل إلى المدينة إلى فئات صالحة ينطبق عليها هذين العنوانين الوسامين المهاجر والأنصاري ، وطالحة مردت على النفاق وكان في قلوبهم مرض أو متقاعسة عن القتال أو غيرهم من أنواع المنافقين وسنعاود التذكير على دلالة السورة المزبورة أيضا على اختصاص هذين العنوانين والصفتين كمنقبتين فضيلتين بمن توفرت فيه القيود السالفة ، فهي كبقية الآيات من السور الأخرى منبّهة على خطأ هذا الاصطلاح الشائع من إطلاق المهاجر على كلّ مكّي أسلم ونحوه انتقل إلى المدينة ، والأنصاري على كلّ خزرجي أو أوسي أسلم قطن المدينة ونحوها.
فالهجرة والنصرة منقبتين عظيمتين وطاعتان قريبتان أخذ في ماهيتهما قيود وأجزاء متعددة ومن ثمّ يترتّب على ذلك لزوم إحراز توفّر القيود في من يراد توصيفه بهما.
النقطة الثالثة : أن هناك العديد من القيود التي تستعرضها الآيات كشرط في مديح المهاجر والأنصاري مثلا.
أ ـ ما في سورة الفتح ضابطة تستعرضها الآية في المهاجرين والأنصار هي من المحكم الذي يتبيّن به بقيّة الآيات ، وهو قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ
__________________
(١). الأنفال / ٧٢.