الغنيمة والفداء ، لا النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، فكيف يجعلون مورد وسبب نزول الآية من الشواهد على اجتهاد النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، ونزول الكتاب بتخطئة ذلك الاجتهاد وتصويب اجتهاد بعض الصحابة ، ك ـ : عمر
رابعاً : إنّ في رواياتهم المتقدّمة : أنّ عبد الله بن رواحة أيضاً أمر بقتل الأسرى ; فلماذا يخصّ النجاة من العذاب بعمر دون غيره؟!
ولماذا يكون التصويب لرأيه فقط مع أنّ عبد الله بن رواحة كان ذلك رأيه أيضاً ، بل قد رووا أنّ سعد بن معاذ كان ذلك رأيه أيضاً (١).
خامساً : قول عمر لرسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الأُسارى : إنّ هؤلاء أئمّة الكفر وصناديدها ، أو : إنّ هؤلاء كذّبوك وأخرجوك وقاتلوك ، ثمّ إشارته بقتل العبّاس وعقيل ، قول مريب الاستهداف ; فأئمّة الكفر قد قُتلوا في بدر ، وما بقي من الأُسارى ليسوا من صناديد الكفر ; كيف وهم قد رووا أنّ رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أقرّ للعبّاس بأنّه كان مسلماً في الخفاء ، وأنّه أُخرج كُرهاً ، وكذلك بقيّة مَن كان من بني هاشم(٢).
وهل أنّ ذلك البعض من بني هاشم ، والعبّاس وعقيل ، هم الّذين أخرجوا رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من مكّة ، أم أنّهم كانوا المدافعين عنه ; إذ كان عقيل وإخوته يتناوبون للنوم في فراش النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، في بيت أبي طالب ; لئلاّ تقتله قريش غيلة (٣)؟!
أم أنّ وراء كلام عمر استهدافاً لبني هاشم ، وقد أكرهتهم قريش على الحرب ، إلاّ أنّهم رغم ذلك لم يخوضوا المعترك الأمامي في المواجهة.
سادساً : الظاهر من كلّ ما مرّ أنّ حقيقة الحال هي : إنّ النهي الإلهي عن اتّخاذ الأسرى حتّى يُثخَن في الأرض ، هو ما دامت الحرب قائمة ولم تضع أوزارها ، كما سيأتي بيانه والدلائل عليه ، إلاّ أنّ موقف عمر من التحريض على قتل بعض بني هاشم المكرَهين على الخروج للحرب قد انكشفت أهدافه ؛ إذ اتّخذ ما نزل من الآية الناهية غطاءً لذلك ، تخيّلا منه أنّه بإمكانه استغلال مفاد الآية لهذا الهدف ، وبالتالي إلحاق الإزراء ببني هاشم بذلك.
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ٤٨/٨.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٥٢/٨ ٤٩.
(٣) بحار الأنوار ١٩ / ١.