وإنّ المقصود من البعثة وإظهار المعجزة
: اتّباع النبيّ (عليهالسلام)
في الأحكام الشرعية ; إقامةً لمصالح الخلق ، فلو جاز عليه الخطأ في حكمه ، لأوجب
ذلك التردّد في قوله ، والشكّ في حكمه ، وذلك ممّا يخلّ بمقصود البعثة ; وهو
محال)) .
ولم يكتفِ الغزالي بذلك بل استفحل تمسّكه
بسُنّة الخلافة إلى القول : ((فإن قيل : فإن ساواه غيره في كونه مصيباً بكلّ حال
فليجز لغيره أن يخالف قياسه باجتهاد نفسه.
قلنا : لو تعبّد بذلك لجاز ، ولكن دلّ
الدليل من الإجماع على تحريم مخالفة اجتهاده ، كما دلّ على تحريم مخالفة الأُمّة
كافّة ، وكما دلّ على تحريم مخالفة اجتهاد الإمام الأعظم والحاكم ; لأنّ صلاح
الخلق في اتّباع رأي الإمام والحاكم وكافّة الأُمّة ، فكذلك النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
ـ إلى أن قال : ـ فإن قيل : كيف يجوز
ورود التعبّد بمخالفة اجتهاده ، وذلك يناقض الاتّباع ، وينفِّر عن الانقياد؟!.
قلنا : إذا عرّفهم على لسانه بأنّ حكمهم
اتّباع ظنّهم وإن خالف ظنّ النبيّ ، كان اتّباعه في امتثال ما رسمه لهم)) .
وقال أيضاً : ((أمّا انتظار الوحي
فلعلّه كان حيث لم ينقدح له اجتهاد أو في حكم لا يدخله الاجتهاد ، أو نهي عن
الاجتهاد فيه .
لكنّه قال في نهاية كلامه : ((أمّا
وقوعه ـ أي اجتهاد النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم)
ـ فبعيد ، وإن لم يكن محالاً ، بل الظاهر أنّ ذلك كلّه كان عن وحي صريح ناصّ على
التفصيل)) .
ويلاحظ :
أوّلاً : أنّهم يساوون غير النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم)
به ، بل يصل بهم التقصير في نعوت شؤون النبوّة والغلوّ في الغير إلى القول بأنّ
الغير يتفوّق في إصابة الحقّ!!
__________________