أَنَّ
لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ
اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) .
ويلاحظ في هذه
الآيات تقنين المحبّة ـ التولّي والبراءة ـ بتحريم محبّة الأنداد ، والندّ : كلّ
من يدعى لغير طاعة الله تعالى ، كما جاء في الروايات ، ويطابق المعنى اللغوي
بقرينة السياق ، وأنّ التبرّي من أهل العصيان والطغيان فريضة ، وأنّ هذا العصيان
في التولّي والتبرّي يوجب الخلود في النار ؛ وفي ذلك تعظيم لفريضة التولّي
والتبرّي ، وأنّها بمثابة الأصول الاعتقادية الموجبة للنجاة مع الطاعة ، وللخلود
في النار مع المعصية.
وهذا لسان خامس في
هذه الفريضة ؛ قال تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ
طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ
مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ
اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) ، وكان طالوت إماما لبني إسرائيل وجعل متابعته وعدمها
مرتبطة بالتولّي والتبرّي.
وكذا قوله تعالى :
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ؛ إذ جعلت المودّة التي هي عماد التولّي لأهل البيت في
مصاف أصول الدين بمقتضى تعادل الأجر مع العمل في ماهية المؤاجرة والمعاوضة ،
والعمل هو تبليغ الدين ، وهذه الآية جعلت مدار التولّي في الدين والإسلام والإيمان
هو موالاة أهل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ وهو ممّا يقتضي عصمتهم.
وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ
فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ
بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي
أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ* وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ
أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ
أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ
يَرْتَدَّ
__________________