فترى أنّ سيّد الشهداء عليهالسلام لم يقم وزنا للوحدة والاتّحاد على الخطأ والباطل ، وأشاد بالوحدة على طريق الحقّ والهداية ، وهذا هو معنى أنّ الحسن والقبح للأشياء ذاتيا واقعيا ، وليس اعتباريا خاضعا لرأي الأكثرية والمجموع وتوافقهم.
روى الصدوق في معاني الأخبار عن ابن حميد رفعه ، قال :
جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : أخبرني عن السنّة والبدعة ، وعن الجماعة وعن الفرقة؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : السنّة : ما سنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والبدعة : ما أحدث من بعده ، والجماعة : أهل الحقّ وإن كانوا قليلا ، والفرقة : أهل الباطل وإن كانوا كثيرا (١).
وروى النعماني بسنده في كتاب الغيبة عن ابن نباتة ، قال :
سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام على منبر الكوفة يقول : أيّها الناس! أنا أنف الهدى وعيناه ، أيّها الناس! لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة من يسلكه ، إنّ الناس اجتمعوا على مائدة قليل شبعها كثير جوعها (٢).
وفي رواية هشام المعروفة عن موسى بن جعفر عليهالسلام :
يا هشام! ثمّ ذمّ الله الكثرة فقال : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٣) ، وقال : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤) ، وقال : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٥)
__________________
(١). معاني الأخبار : ١٥٤ ـ ١٥٥ ح ٣ ، بحار الأنوار ٢ / ٢٦٦ ح ٢٣.
(٢). انظر : الغيبة ـ للشيخ النعماني ـ ١٧٠ ، الإرشاد ـ للشيخ المفيد ـ ١ / ٢٧٦ ، بحار الأنوار ٢ / ٢٦٦ ح ٢٧ ، نهج البلاغة ـ لمحمّد عبده ـ ٢ / ٢٠٧ رقم ١٩٦.
(٣). الأنعام / ١١٦.
(٤). لقمان / ٢٥.
(٥). العنكبوت / ٦٣.