يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١) أما لعمري لقد لقحت ، فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملء القعب دما عبيطا وزعافا مبيدا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ ما أسّس الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفسا ، واطمئنّوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وسطوة معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة لكم ، وأنّى بكم وقد عمّيت عليكم؟! (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) (٢)؟! (٣)
فتحصّل أنّها عليهاالسلام لا ترى مجرّد الهجرة والنصرة دليلا على الاستقامة والصلاح وحسن العاقبة والخاتمة ، بل لا بدّ من الإقامة على شروط العهد والمواثيق التي أخذها عليهم الله تعالى ورسوله ، من الإقرار بالتوحيد والرسالة والولاية لأهل بيته ومودّتهم ونصرتهم. وهذا عين ما تقدّم استفادته من الآيات العديدة ، والروايات النبويّة التي رواها أهل سنّة الجماعة ، نظير روايات العرض على الحوض من أنّ بعض الصحابة يزوون عنه إلى جهنّم فيقول صلىاللهعليهوآلهوسلم :
ربّ أصحابي! فيجاب : إنّهم بدّلوا بعدك وأحدثوا ، فيقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : بعدا بعدا سحقا سحقا.
وروى ابن قتيبة الدينوري في كتابه الإمامة والسياسة : أنّ عليّا عليهالسلام خرج يحمل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على دابّة ليلا في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به ، فيقول عليّ كرّم الله وجهه : أفكنت أدع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١). يونس / ٣٥.
(٢). هود / ٢٨.
(٣). معاني الأخبار / ٣٥٤ ـ ٣٥٦ ، الأمالي ـ للطوسي ـ ٣٧٤ مج ١٣ ح ٥٥ ، الاحتجاج ١ / ٢٨٦ ـ ٢٩٢ ، بحار الأنوار ٤٣ / ١٥٨ ـ ١٦٠.