الكفر ، أو ما يوجب الاعتقاد الخبيث ، أو نوعا آخر من أنواع الخطأ ؛ إذ تناوله لكل ضلال وخطأ ـ إن كان ـ فليس إلا بطريق الظن والتخمين ، دون القطع واليقين.
ثم وإن قدر أن المراد به العصمة من كل خطأ ، والحفظ من كل زلل ؛ فلا بد أن يبين وجود الإجماع فيما نحن فيه ، وما المانع من أن يكون ثم نكير ، وأنه لم تتحقق الموافقة إلا من آحاد المسلمين؟ والذي يدل على ذلك قول عمر ـ رضى الله عنه ـ «ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، وقى الله شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه» أي إن بيعة أبي بكر من غير مشورة وقد وقى الله شرها فلا نعود إلى مثلها.
ثم إن الإجماع لا بدّ وأن يعود إلى مستند من الكتاب والسنة ، ولو كان للإجماع مستند لقد كانت العادة تحيل أن لا ينقل ، مع توفر الدواعي إلى نقله ، فحيث لم ينقل له مستند علم أنه غير واقع في نفسه.
وأيضا فإن تعاون الناس على أشغالهم ، وتوفرهم على إصلاح أحوالهم ، وأخذهم على أيدي السفهاء منهم ، والقيام بما يجب عليهم في دينهم ودنياهم ، مما تحدوهم إليه طباعهم وأديانهم ، ويدل على ذلك انتظام حال العربان وأهل البوادي والقفار ، والخارجين عن أحكام السلطان ، فإذا قاموا بذلك فيما بينهم لم يكن لإقامة واحد منهم ، يحكم عليهم فيما يفعلونه ، ويتأمر عليهم فيما يصنعونه ، تعين.
لا سيما وما من مسئلة اجتهادية إلا ويجوز لكل واحد من المجتهدين أن يخالفه فيها بما يؤدي إليه اجتهاده ، وكيف يكون واجب الطاعة مع جواز المخالفة؟ وما الفائدة في نصبه؟ نعم إن أدى اجتهادهم [إلى أن يقيموا] أميرا ورئيسا عليهم ، يتكلف أمورهم ، ويرتب جيوشهم ، ويحمي حوزتهم ، ويقوم بذلك على وجه العدل والإنصاف فلهم ذلك ، من غير أن يلزمهم من تركه