(لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) [الفتح : ٢٧] ، وقوله : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) [الفتح : ٢٠] وقوله : (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ١ ، ٣] لقد كان ذلك كافيا له في معرفة إعجاز القرآن ، وصادا له عن المكابرة والبهتان ، ومن جملة آياته ، ومعجزاته الظاهرة حنين الجذع اليابس إليه ، وسلام الغزالة عليه ، وكلام الذراع المسموم له ، وتسبيح الحصي في يده ، ولا محالة أن هذه كلها من الخوارق للعادات ، وليست مما يدخل تحت وسع شيء من المخلوقات وأنه نبي (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).
وللخصوم على ما ذكرناه أسئلة :
السؤال الأول :
أنهم قالوا : ما ذكرتموه من كون القرآن معجزا لا بدّ من أن تثبتوا بطريق قطعي يقيني ، أنه مما ظهر على يده ، واقترن بدعوته ، اقتران التصديق ، وإلا فلا نأمن أن ذلك من خلق الأولين ، أو تخرصات المتأخرين.
ثم إن ذلك ، ولو كان مسلما فلا بد أن تبينوا وجه الإعجاز فيه ، وذلك يتعذر ، من جهة القرآن قد يطلق بمعنى المقروء ، وقد يطلق بمعنى القراءة : فإن كان المقروء هو المعجز فذلك عندكم صفة قديمة بذات الرب تعالى ، والصفة القديمة يستحيل أن تكون معجزا ، إذ لا اختصاص لها بحادث دون حادث ، وإن كان المعجز هو القراءة التي هي فعله وكسبه ، فليست معجزة ، فإنها لا تنزل منزلة التصديق له فيما يقوله ، كما سلف.
وأما ما ذكرتموه من وجه إعجازه في النظم والبلاغة والفصاحة ، فأنتم في ذلك مختلفون : فقائل إن : المعجز هو النظم دون الفصاحة ، وقائل الفصاحة دون النظم وقائل إن المعجز فيه صرف الدواعي عن الإتيان بمثله وقائل : إن المعجز فيه هو المجموع ، وهذا الاختلاف مما يوجب خفاء الإعجاز فيه ، والمعجز يجب أن يكون وجه إعجازه ظاهرا بالنسبة إلى جل من هو معجزة