الأصحاب في دائرة الاضطراب ، وكبع حذاقهم عن تحقيق الجواب.
والذي يقطع دابره. ويكشف عن الحق سرائره ، أن يقال : إذا ثبت القول بكونه محيطا بالموجودات وعالما بها ، ومخصصا لها في وجودها وحدوثها. وثبت له غير ذلك من الكمالات ، المعبر عنها بالصفات ، فهو ما طلبناه وغاية ما رمناه. وأما إثبات كونها متغيرة الذوات ، متباينة الذاتيات ، أو أنها راجعة إلى معنى واحد هو نفس الذات ، والتخصيص والاختلاف فيها إنما هو عائد إلى المتعلقات ، والتغير بالعرضيات الخارجيات ، كما ذهب إليه بعض الأصحاب فما لم أر فيما ذكروه لإفحام الخصم كلاما مخلصا عن مغالطات ومصادرات ، وأقاويل منحرفات. وما يظهر مأخذ المعتقد من الجانبين فإنما ينتفع به الناظر مع نفسه ، لا بالنظر إلى غيره.
وأظهر ما قيل في بيان الاختلاف أن تأثير القدرة في الإيجاد. وتأثير الإرادة في التخصيص بالأحوال والأوقات ، ومع اختلاف التأثيرات لا بدّ من اختلاف المؤثرات ، وإلا كان صدور أحد المختلفين من جهة ما صدر المخالف بالآخر ، وهو محال ، وهذا خلاف الكلام فإن تعلقه بمتعلقاته لا يوجب تأثيرا مختلفا ، وكذا كل صفة على انفرادها.
وهو غير سديد ، فإنه لو وجب القول بمخالفة القدرة للإرادة لاختلاف التأثيرات ، فذلك يوجب الاختلاف في نفس الإرادة ، ونفس القدرة ، وكل صفة من الصفات. وإنما كان كذلك من جهة أن تأثيرات الإرادة متعددة ، فإن تخصيص الحادث في الأمس غير تخصيصه في اليوم أو الغد. وكذلك ما يخص بالقدرة ، فإن إيجاد زيد ليس هو نفس إيجاد عمرو. لا سيما إذا قلنا إن الوجود ليس بزائد على الموجود ، وإذا كانت التأثيرات متغايرة ، فإما أن تتحد من كل وجه ، أو تختلف من كل وجه ، أو تتحد في وجه وتختلف في وجه آخر ، فإن اتحدت من كل وجه فلا تعدد وقد فرضت متعددة ، فبقي أن تكون مختلفة ، إما من كل وجه أو من وجه ، وعلى التقديرين فهي مختلفة فيجب أن