قائمة الکتاب
نصوص الكتب المتقدمة في البشارة به وصفته ونعت أمته
٦٢
إعدادات
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
المؤلف :شمس الدّين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الزّرعي [ ابن القيّم ]
الموضوع :العقائد والكلام
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :232
تحمیل
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ، يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ، وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [النور : ٥٥] وتأمل قوله في الفارقليط المبشر به : «يفشي لكم الأسرار ، ويفسر لكم كل شيء ، فإني اجيئكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل» وكيف تجده مطابقا للواقع من كل وجه ولقوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل : ٨٩] ولقوله تعالى : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف : ١١١] ، وإذا تأملت التوراة والإنجيل والكتب وتأملت القرآن وجدته كالتفصيل لمجملها والتأويل لأمثالها والشرح لرموزها ، وهذا حقيقة قول المسيح «اجيئكم بالأمثال ويجيئكم بالتأويل ، ويفسر لكم كل شيء» وإذا تأملت قوله «وكل شيء عده الله لكم به» وتفاصيل ما اخبر به من الجنة والنّار والثواب والعقاب تيقنت صدق المرسولين الكريمين ، ومطابقة الأخبار المفصلة من محمد صلىاللهعليهوسلم ، للخبر المجمل من اخيه المسيح. وتأمل قوله في الفارقليط ، «وهو يشهد لي كما شهدت له» كيف تجده منطبقا على محمد بن عبد الله ، وكيف تجده شاهدا بصدق الرسولين ، وكيف تجده صريحا في رجل يأتي بعد المسيح ، يشهد له بانه عبد الله ورسوله كما شهد له المسيح؟! فلقد أذن المسيح بنبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهما أذانا لم يؤذنه نبي قبله ، واعلن بتكبير ربه أن يكون له صاحبة أو ولد ، ثم رفع صوته بشهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلها واحدا احدا فردا صمدا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، ثم أعلن بشهادة أن محمدا عبده ورسوله الشاهد له بنبوته المؤيد بروح الحق الذي لا يقول من تلقاء نفسه بل يتكلم بما يوحى إليه ويعلمهم كل شيء ويخبرهم ما اعد الله لهم ، ثم رفع صوته بحي على الفلاح باتباعه والإيمان به وتصديقه وأنه ليس له من الأمر معه شيء ، وختم التأذين بان ملكوت الله سيؤخذ ممن كذبه ويدفع إلى اتباعه والمؤمنين به ، فهلك من هلك عن بينة وعاش من عاش عن بينة فاستجاب اتباع المسيح حقا لهذا التأذين ، واباه الكافرون والجاحدون ، فقال تعالى : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ