على بعث الرمم وإحياء الأجساد البالية كيف شاء ومتى شاء وهل خلق الأرض بكل ما فيها ثم بسطها وتسطيحها للحياة عليها والسير فوقها وتعميرها بأنواع العمران لا يدل على قدرة الله على البعث والجزاء. فما للقوم لا ينظرون (١) ولا يفكرون وقوله تعالى (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) بعد لفت أنظار المشركين إلى ما لو نظروا إليه وتفكروا فيه لاهتدوا إلى الحق وعرفوا أن الخالق لكل شيء لا يعجزه بعث عباده ولا جزاؤهم. أمر رسوله أن يقوم بالمهمة التي أنيطت به وهي التذكير دون الهداية التي هي لله وحده دون سواه فقال له (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) أي ذكر بمظاهر قدرتنا وآياتنا في الآفاق وآلائنا على العباد إنما أنت مذكر ليس غير. وقوله (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) أي بمتسلط تجبرهم على الإيمان والاستقامة وقوله (إِلَّا مَنْ (٢) تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) أي لكن من تولى عن الإيمان فكفر بآياتنا ورسولنا ولقائنا (فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) وهو عذاب الآخرة. وقوله تعالى (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) أي رجوعهم إلينا لا إلى غيرنا. (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا) لا على غيرنا (حِسابَهُمْ) ومن ثم سوف نجزيهم الجزاء اللائق بهم ، ولذا فلا يضرك يا رسولنا إعراضهم ولا توليهم. وحسبك تذكيرهم فمن اهتدى نجا ونجاته لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها إذ عاقبة ضلاله وهي الخسران التام عائدة عليه.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير البعث والجزاء بالدعوة إلى النظر إلى الأدلة الموجبة للإيمان به.
٢ ـ بيان أن الداعي إلى الله تعالى مهمته الدعوة دون هداية القلوب فإنها إلى الله تعالى وحده.
٣ ـ بيان أن مصير البشرية إلى الله تعالى وهي حال تقتضي الإيمان به تعالى وطاعته وطلبا للنجاة من عذابه والفوز برحمته. وهو مطلب كل عاقل لو أن الناس يفكرون.
__________________
(١) من مظاهر رحمة الله ولطفه بعباده أن يوجه عباده إلى سبيل هدايتهم توجيها خاليا من العناء والمشقة فالعربي يركب بعيره في طريقه إلى حاجته فينظر إليه وهو راكبه وينظر إلى السماء فوقه وإلى الجبال حواليه وإلى الأرض تحت قدميه فيسأل أليس القادر على خلق هذا قادرا على البعث؟ فيجيب نفسه بلى إنه قادر.
(٢) روي أن عليا أتى بمرتد عن الإسلام فاستتابه ثلاثة أيام فلم يتب وأصر على الردة فضرب عنقه وقرأ (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ).