(أَحْصَنَتْ فَرْجَها) : أي حفظته فلم يصل اليه الرجال لا بنكاح ولا زنا.
(فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) : أي نفخنا في كم درعها بواسطة جبريل الملقب بروح القدس.
(وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) : أي بولدها عيسى أنه كلمة الله وعبده ورسوله.
معنى الآيات :
في الآية الأولى (٩) يأمر تعالى رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم بعدما ناداه بعنوان النبوة تشريفا وتكريما يأمره بجهاد الكفار والمنافقين فالكفار بالسيف ، وشن الغارات (١) عليهم حتى يسلموا ، والمنافقون بالقول الغليظ والعبارة البليغة المخيفة الحاملة للوعيد والتهديد. وقوله تعالى : (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) أي أشدد وطأتك على الفريقين على المنافقين باللسان ، وعلى الكافرين بالسنان. ومأواهم (٢) جهنم وبئس المصير إذا ماتوا على نفاقهم وكفرهم ، أو من علم الله موتهم على ذلك. وقوله تعالى في الآية الثانية (١٠) (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) في عدم انتفاع الكافر بقرابة المؤمن مهما كانت درجة القرابة عنده. وهو (امْرَأَتَ نُوحٍ (٣) وَامْرَأَتَ لُوطٍ) إذ كانت كل واحدة منهما تحت نبي رسول (فَخانَتاهُما) (٤) في دينهما فكانتا كافرتين فامرأة نوح تفشى سر من يؤمن بزوجها وتخبر به الجبابرة من قوم نوح حتى يبطشوا به وكانت تقول لهم إن زوجها مجنون ، وامرأة لوط كانت كافرة وتدل المجرمين على ضيوف لوط إذا نزلوا عليه في بيته وذلك في الليل بواسطة النار ، وفي النهار بواسطة الدخان. فلما كانتا كافرتين لم تغن عنهما قرابتهما بالزوجية شيئا. ويوم القيامة يقال لهما : (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) من قوم نوح وقوم لوط. هذا مثل وآخر في عدم تضرر المؤمن بقرابة الكافر ولو كانت القرابة الزوجية وما أقواها ، وهو ـ المثل ـ إمرأة فرعون الكافر الظالم آسيا بنت مزاحم كانت قد آمنت بموسى مع من آمن فلما عرف فرعون إيمانها أمر بقتلها فلما علمت بعزم الطاغية على قتلها قالت في مناجاتها لربها : (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) الذي هو الكفر والظلم حتى لا أكون كافرة بك ولا ظالمة لأحد من خلقك ، (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي من عذابهم فشدت أيديها وأرجلها لتلقى عليها صخرة عظيمة إن هى أصرت على الإيمان فرفعت بصرها إلى السماء فرأت بيتها في الجنة ففاضت روحها شوقا الى الله والى بيتها فى الجنة وقد
__________________
(١) من المعلوم أن الكفار يدعون إلى الإسلام أولا مبينا لهم ما فيه من الهدي والخير وما يجلبه لأهله من الكمال والإسعاد ، فإن أبوا فليقاتلوا.
(٢) (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) هذا عائد على الفريقين الكافرين والمنافقين معا.
(٣) قال مقاتل اسم امرأة نوح والهة واسم امرأة لوط والعة وروي مرفوعا بضعف أن اسم امرأة نوح واغلة وامرأة لوط والهة والله أعلم.
(٤) الإجماع أن خيانة المرأتين كانت في الدين ولم تكن في العرض وإنما هي في الكفر والنفاق.