(لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ) : أي لأجل أن تضيقوا عليهن السكن فيتركنه لكم ويخرجن منه.
(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ) : أي حوامل يحملن الأجنة في بطونهن.
(فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ) : أي أولادكم.
(فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) : فاعطوهن أجورهن على الإرضاع هذا في المطلقات.
(وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) : أي وتشاورا أو ليأمر كل منكم صاحبه بأمر ينتهى باتفاق على أجرة معقولة لا إفراط فيها ولا تفريط.
(وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ) : فإن امتنعت الأم من الإرضاع أو امتنع الأب من الأجرة.
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ) : أي لينفق على المطلقات المرضعات ذو الغنى من غناه.
(وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) : ومن ضيق عليه عيشه فلينفق بحسب حاله.
معنى الآيتين :
بعد بيان الطلاق بقسميه الرجعى والبائن وبيان العدد على اختلافها بين تعالى في هاتين الآيتين أحكام النفقات والإرضاع فقال تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ (١) مِنْ وُجْدِكُمْ) أي من وسعكم (وَلا تُضآرُّوهُنَ) (٢) بأي مضارة لا في السكن ولا في الإنفاق ولا في غيره من أجل أن تضيقوا عليهن فيتركن لكم السكن ويخرجن. وهؤلاء المطلقات طلاقا رجعيا وهن حوامل أو غير حوامل. وقوله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) أي وان كانت المطلقة طلاق البتة أي طلقها ثلاث مرات فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن أي أسكنوهن وأنفقوا عليهن إلى أن يلدن فإن وضعت حملها فهما بالخيار إن شاءت أرضعت له ولده بأحرة يتفقان عليها وان شاء هو أرضع ولده مرضعا غير أمه وهو معنى قوله تعالى (فَإِنْ أَرْضَعْنَ (٣) لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) وذلك يتم بتبادل الرأي الى الاتفاق على أجرة معينة ، وان تعاسرا بأن طلب كل واحد عسر الثاني أي تشاحا في الأجرة فلم يتفقا فلترضع له أي للزوج امرأة أخرى من نساء القرية.
__________________
(١) قال أشهب عن مالك : يخرج عنها إذا طلقها ويتركها في المنزل للآية (أَسْكِنُوهُنَ) والصحيح أن المنزل إذا كان يتسع لهما معا هي في حجرة وهو في أخرى فلا داعي لإخلائه لها وإن كان لا يتسع إلا لواحد فنعم يجب أن يتركه لها ، وقوله تعالى : (مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) يقرر أن السكنى تكون في بيت الزوج المطلق.
(٢) المضارة : الإضرار ، والمراد بالتضييق المحرم : إحراجهن أو أذاهن بأي أذى. فقوله تعالى : (وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ) شامل للمضايقة في السكنى والنفقة وفي العدة بأن يطلقها حتى إذا كادت تنقضي عدتها راجعها ثم يطلقها.
(٣) هل على المرأة أن ترضع ولدها؟ إن كانت عصمة الزوجية قائمة فالصحيح أنها ترضع ولدها وجوبا وإن انفصلت عروة الزوجية فلا يجب على الوالدة إرضاع إلا إذا لم يقبل غيرها وخيف عليه الموت فيتعين عليها إرضاعه بأجرة إن شاءت. وأبو حنيفة لا يرى وجوب الإرضاع على الأم مطلقا ويرى بعض العكس. والوسط ما قدمناه وهو الحق.