(يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) : هو محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأحمد أحد أسمائه الخمسة المذكوران والماحى ، والعاقب والحاشر.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) : أي على صدق رسالته بالمعجزات الباهرات.
(قالُوا : هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) : أي قالوا في المعجزات إنها سحر.
معنى الآيات :
قوله تعالى (سَبَّحَ لِلَّهِ (١) ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) يخبر تعالى أنه قد سبحه جميع ما في السموات وما في الأرض بلسان القال والحال ، وأنه العزيز الحكيم العزيز الغالب على أمره لا يمانع في مراده الحكيم في صنعه وتدبيره لملكه. بعد ما أثنى تعالى على نفسه بهذا خاطب المؤمنين بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ) (٢) (تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) (٣) لفظ النداء عام والمراد به جماعة من المؤمنين قالوا لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لفعلناه فلما علموه ضعفوا عنه ولم يعملوا فعاتبهم الله تعالى في هذه الآية ولتبقى تشريعا عاما إلى يوم القيامة فكل من يقول فعلت ولم يفعل فقد كذب وبئس الوصف الكذب ومن قال سأفعل ولم يفعل فهو مخلف للوعد وبئس الوصف خلف الوعد وهكذا يربى الله عباده على الصدق والوفاء. وقوله تعالى (كَبُرَ (٤) مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) أي قولكم نفعل ولم تفعلوا مما يمقت عليه صاحبه أشد المقت أي يبغض أشد البغض.
وقوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُ (٥) الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) أي صافين متلاصقين لا فرجة بينهم (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) بعضه فوق بعض لا خلل فيه ولا فرجة كأنه ملحم بالرصاص.
وقوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) (٦) أي اذكر إذ قال موسى لقومه من بني اسرائيل (يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) والحال أنكم تعلمون أني رسول الله إليكم حقا وصدقا ، وقد آذوه بشتى أنواع الأذى بألسنتهم السليطة وآرائهم الشاذة من ذلك قولهم إن موسى آدر ولذا هو لا يغتسل معنا ، ومعنى آدر به أدرة وهي انتفاخ الخصية.
__________________
(١) في جامع الترمذي عن عبد الله بن سلام قال : قعدنا نفرا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتذاكرنا فقلنا : لو نعلم أي الأعمال أحبّ إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.). الخ السورة. ورواه الحاكم وأحمد وغيره.
(٢) اللام حرف جر والميم حرف استفهام وهو هنا إنكاري توبيخي.
(٣) النداء بوصف الإيمان فيه التعريض بأن الإيمان من شأن صاحبه أن لا يخلف إذا وعد وأن يفي إذا نذر لأنه روح وصاحبه حيّ قادر على الفعل والترك بخلاف الكفر وأهله.
(٤) (مَقْتاً) : منصوب على التمييز وهو تمييز نسبة والتقدير : كبر ممقوتا قولكم ما لا تفعلون.
(٥) هذا جواب لقولهم : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملناه فبيّن لهم أحب الأعمال إليه وهو أحب العاملين عنده فله الحمد وله المنة.
(٦) لعلّ وجه المناسبة بين قصة موسى هنا وعتاب المؤمنين على فرار من فر يوم أحد هو : أن قوم موسى أيضا جبنوا عن قتال عدوهم وقالوا لموسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ).