إليه ، ومع هذا عادوه وحاربوه فلهذا يكبتهم الله ويذلهم في الدنيا (وَلِلْكافِرِينَ) (١) أمثالهم (عَذابٌ مُهِينٌ) يوم القيامة (يَوْمَ (٢) يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً) لا يتخلف منهم أحد (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) من الشر والفساد. (أَحْصاهُ اللهُ) إذ كتبته ملائكته وكتب قبل فعلهم له في كتاب المقادير اللوح المحفوظ ونسوه لعمى قلوبهم وكفرهم بربهم ولقائه فلا يذكرون لهم ذنبا حتى يتوبوا منه ويستغفروا. وقوله تعالى (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي زيادة على أن أعمالهم كتبها في اللوح المحفوظ وأن الملائكة من الكرام الكاتبين قد كتبوها فإن الله تعالى شهيد على كل شيء فلا يقع شيء إلا تحت بصره وعلمه.
وقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ) تقرير لما سبق من إحاطة علم الله بكل شيء وأن أعمال أولئك المخالفين المحادين محصية معلومة وسيجزيهم بها. أي ألم تعلم يا رسولنا أن الله تعالى يعلم ما في السموات وما في الأرض من دقيق الأشياء وجليلها ورد أن جماعة من المنافقين تخلفوا يتناجون بينهم إغاظة للمؤمنين فنزلت هذه الآية تعرض بهم وتكشف الستار عن نياتهم. (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى) (٣) أي من ذوي نجوى أو من متناجين (ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) ، أي إلا والله تعالى رابعهم بعلمه بهم وقدرته عليهم وهذه فائدة المعية العلم والقدرة على الأخذ والعطاء ، (وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ) كالأثنين ، (وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ) بعلمه وقدرته وإحاطته أينما كانوا تحت الأرض أو فوقها في السماء أو دونها ، (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ) أي يخبرهم ويعلمهم (بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ) ليجزيهم به (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تقرير لما سبق من علمه بالمحادين له وبالمنافقين المناوئين للمؤمنين وسيجزى الكل بعدله وهو العزيز الحكيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ وعيد الله الشديد بالإكبات والذل والهوان لكل من يحاد الله ورسوله.
٢ ـ إحاطة علم الله بكل شيء وشهوده لكل شيء وإحصاه لكل أعمال العباد حال توجب مراقبة الله تعالى والخشية منه والحياء منه أشد الحياء.
٣ ـ الإرشاد إلى أن التناجى للمشاورة في الخير ينبغي أن يكون عدد المتناجين ثلاثة أو خمسة
__________________
(١) الجملة معطوفة على جملة (كُبِتُوا) و (ال) في الكافرين : للجنس ليعم الوعيد كل كافر.
(٢) يجوز أن يكون (يَوْمَ) متعلقا بالكون المقدر الذي تعلق به (لِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) أي للكافرين عذاب مهين (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ) وجائز أن يكون منصوبا على تقدير فعل اذكر كما هو شائع في أمثاله.
(٣) النجوى اسم مصدر فعله : ناجاه يناجيه مناجاة واسم المصدر نجوى فهو بمعنى التناجي أي : ما يكون تناجي ثلاثة من الناس إلا الله مطلع عليهم كرابع لهم وكل سرار نجوى.