(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) : أي أحكام شرعه.
(وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) : أي وللكافرين بها الجاحدين لها عذاب أليم أي ذو ألم.
معنى الآيات :
قوله تعالى (قَدْ سَمِعَ اللهُ) هذه الآية الكريمة نزلت في خولة بنت ثعلبة الأنصارية وفي زوجها أوس بن الصامت أخى عبادة بن الصامت رضي الله عنهم أجمعين كان قد ظاهر منها زوجها أوس ، فقال لها في غضب غير مغلق أنت عليّ كظهر أمي ، وكان الظهار يومئذ طلاقا ، وكانت المرأة ذات أطفال صغار وتقدم بها وبزوجها السن فجاءت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم تشكو إليه ما قال زوجها فذكرت للرسول صلىاللهعليهوسلم ضعفها (١) وضعف زوجها وضعف أطفالها الصغار ، وما زالت تراجع الرسول صلىاللهعليهوسلم وتحاوره في شأنها وشأن زوجها حتى نزلت هذه الآيات الأربع من فاتحة سورة المجادلة التي سميت بها السورة فقيل سورة المجادلة بكسر الدال ، ويصح فتحها فقال تعالى مخاطبا رسوله (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) أي قد سمع الله قول المرأة التي تجادلك أي تراجعك في شأن زوجها الذي ظاهر منها ، (وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) بعد أن قلت لها : والله ما أمرت في شأنك بشيء ، تشكو إلى الله ضعف حالها. (وَاللهُ يَسْمَعُ) (٢) (تَحاوُرَكُما) أي مراجعتكما لبعضكما بعضا الحديث وأجابكما (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) أي سميع لأقوال عباده عليم بأحوالهم وهذا حكم الظهار فافهموه واعملوا به.
أولا : أن الظهار الذي هو قول الرجل لامرأته أنت عليّ كظهر أمي لا يجعل المظاهر منها أمّا له إذ أمه هي التي ولدته وخرج من بطنها ، والزوجة لا تكون أمّا بحال من الأحوال.
ثانيا : هذا القول كذب وزور ومنكر من القول وقائله آثم فليتب إلى الله ويستغفره.
ثالثا : لو لا عفو الله وصفحه على عباده المؤمنين ومغفرته للتائبين لعاقبهم على هذا القول الكذب الباطل.
رابعا : على (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) أي يعزمون على وطئها بعد الظهار منها فالواجب عليهم قبل الوطء لها (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ذكرا كانت أو أنثى صغيرة أو كبيرة لكن مؤمنة لا كافرة ، فمن لم يجد الرقبة لانعدامها ، أو غلاء ثمنها فيجزئه (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) فإن لم يستطع لعلة قامت به فالواجب إطعام ستين مسكينا يعطى كل مسكين مدّا من برّ أو نصف صاع من
__________________
(١) من جملة ما روي أنها قالت : يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما أوحى إليّ في هذا شيء فقالت : يا رسول الله أوحي إليك في كل شيء وطوي عنك هذا؟ فقال : هو ما قلت لك فقالت : إلى الله أشكو لا إلى رسوله فأنزل الله (قَدْ سَمِعَ اللهُ.). الخ.
(٢) روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عزوجل : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها).