معنى الآيات :
قوله تعالى في تقرير البعث والجزاء الذي كذب به المشركون وأنكروه في إصرار وعناد (إِذا) (١) (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) أي إذا قامت القيامة (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) أي نفس تكذب بها إذ يؤمن بها الجميع ، (خافِضَةٌ) لأقوام أي مظهرة لحالهم بأنهم أهل النار ، (رافِعَةٌ) لآخرين مظهرة لحالهم بأنهم من أهل الجنة. وقوله : (إِذا رُجَّتِ (٢) الْأَرْضُ رَجًّا) أي حرّكت حركة شديدة ، (وَبُسَّتِ الْجِبالُ (٣) بَسًّا) ، أي إذا بست الجبال أي فتتت تفتيتا (فَكانَتْ (٤) هَباءً مُنْبَثًّا) أي غبارا منتشرا.
وقوله تعالى (وَكُنْتُمْ) أي أيها الناس (أَزْواجاً) أي أنواعا (ثَلاثَةً) : أصحاب اليمين وأصحاب الشمال والمقربون (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أو الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم (ما أَصْحابُ (٥) الْمَيْمَنَةِ) أي أن شأنهم عظيم وذلك بدخولهم الجنة دار النعيم. (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) وهم أصحاب الشمال أي اليساريون الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم أي بمياسرهم (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) أي شأنهم حقير وذلك بدخولهم النار. (وَالسَّابِقُونَ) إلى الإيمان والطاعة في أول ظهور الدعوة (٦) (السَّابِقُونَ) هذا تعظيم لشأنهم واعلان عن فوزهم وكرامتهم (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) وهي بساتين ذات نعيم دائم جعلنا الله منهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير البعث والجزاء في الآخرة.
٢ ـ الإيمان والتقوى يرفعان والشرك والمعاصي يضعان ويخفضان.
٣ ـ السابقون الى الطاعات لهم فضل الاسبقية في كل زمان ومكان.
٤ ـ اليساريون هم اشقياء الدنيا والآخرة. لأنهم عند ما أخذ غيرهم ذات اليمين طالبين الإيمان والاستقامة أخذوا هم ذات الشمال طالبين الكفر والفسوق.
__________________
(١) (الْواقِعَةُ) علم بالغلبة على القيامة ، وأصل الواقعة : الحادثة ، ومن ذلك قولهم واقعة أحد أو بدر مثلا ، وإذا ظرف ضمن معنى الشرط متعلق بالكون المقدر في قوله : (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) و (لَيْسَ لِوَقْعَتِها) مستأنفة بيانية.
(٢) (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ) بدل من (إِذا) الأولى ، وجواب الشرط (إِذا) الأولى والمبدلة منها هو قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ.). الخ.
(٣) البسّ : بمعنى التفتت للأجزاء المجموعة ، ومنه : البسيسة : للسويق ويطلق البسّ على السوق للماشية ، وفي الحديث :
(فيأتي قوم فيبسون بأموالهم وأهليهم ـ أي : يسوقونهم ـ والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون).
(٤) الهباء : ما يلوح في خيوط شعاع الشمس من دقيق الغبار.
(٥) (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) : (ما) مبتدأ والخبر : أصحاب الميمنة ، والجملة خبر فأصحاب الميمنة وكذا (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ).
(٦) يجوز أن يكون (السَّابِقُونَ) : خبر عن الأول ، وجملة : (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) مستأنفة ، ويجوز أن يكون (السَّابِقُونَ) الثاني : ويجوز أن تكون تأكيدا للأول ، والخبر : جملة (أُولئِكَ).