(فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ) : أي المؤمنون المتقون.
(وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) : أي الكافرون.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : أي على دين الإسلام وبذلك يكون الجميع في الجنة.
(وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) : أي فى الإسلام أولا ثم في الجنة ثانيا.
(وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) : أي المشركون ليس لهم من ولي يتولاهم ولا نصير ينصرهم فهم في النار.
أم اتخذوا من دون الله أولياء : أي بل اتخذوا من دونه تعالى شركاء ألهّوهم من دون الله.
(فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) : أي الولي الحق ومن عداه فلا تنفع ولايته ولا تضر.
معنى الآيات :
قوله تعالى (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (١) أي ومثل ذلك الإيحاء الذى أوحينا إليك وإلى الذين من قبلك أوحينا إليك قرآنا عربيا أي بلسان عربى يفهمه قومك لأنه بلسانهم لتنذر به أي تخوف أم القرى (٢) ومن حولها من الناس عاقبة الشرك والكفر والظلم والفساد وتنذر أيضا الناس يوم الجمع وهو يوم القيامة فإنه يوم هول عظيم وشر مستطير ليتوقوه بالإيمان والتقوى. إنه يوم يكون فيه الناس والجن فريقين لا ثالث لهما : فريق فى الجنة (٣) بإيمانه وتقواه لله بفعل أوامره وترك نواهيه ، وفريق في السعير بشركه وكفره بالله وعدم تقواه فلا امتثل أمرا ولا اجتنب نهيا.
وقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ (٤) أُمَّةً واحِدَةً) أي في الدنيا على دين الإسلام الذى هو دين آدم فنوح فإبراهيم فسائر الأنبياء موسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوسلم. إذ هو عبارة عن الإيمان بالله وبما أمر الله بالإيمان به ، والانقياد لله ظاهرا وباطنا بفعل محابه تعالى وترك مكارهه ولو كانوا في الدنيا على ملة الإسلام لكانوا في الآخرة فريقا واحدا وهو فريق الجنة ولكن لم يشأ ذلك لحكم عالية فهو تعالى يدخل من يشاء فى رحمته فى الدنيا وهي الإسلام وفى الآخرة هي الجنة ، والظالمون أي المشركون الذين رفضوا التوحيد والإسلام لله (ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) فهم إذا فى عذاب السعير. وقوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا) (٥) أي الظالمون من دون الله أولياء من دون الله ليشفعوا
__________________
(١) القرآن مصدر نحو غفران وأطلق على المقروء مبالغة في الاتصاف بالمقروئية لكثرة ما يقرأه القارثون لحسنه وفوائده وعظيم مثوبته.
(٢) كنيت مكة بأم القرى لأنها أقدم المدن العربية وقيل لأن الأرض دحيت من تحتها.
(٣) جملة فريق الخ ابتدائية لأنها جواب لمن سأل عن حال الناس وهم مجتمعون في عرصات القيامة فأجيب بأنهم فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير.
(٤) سبق هذا الكلام مستأنفا استئنافا ابتدائيا لغرض تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين لما ينالهم من هم وكرب من عدم إيمان من يدعونهم إلى الإيمان ولم يؤمنوا.
(٥) (أَمِ) للإضراب الانتقالي والاستفهام إنكاري ينكر على المشركين اتخاذهم أولياء من دون الله لا تنفعهم أي نفع ويتركون الله الولي الحميد فهو أحق بأن يتخذ وليا في الدنيا والآخرة.