الجزء الخامس والعشرون
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨))
شرح الكلمات :
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) (١) : أي إلى الله يرد علم الساعة أي متى تقوم إذ لا يعلمها إلا هو.
(وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) : أي من أوعيتها واحد الإكمام كمّ وكم الثوب مخرج اليد.
(وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى) : أي من أي جنس كان إنسانا أو حيوانا.
(وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) : أي ولا تضع حملها إلا ملابسا بعلم الله تعالى المحيط بكل شيء.
(قالُوا آذَنَّاكَ) : أي أعلمناك الآن.
(ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) : أي ليس منا من يشهد بان لك شريكا أبدا.
(وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) : أي أيقنوا ما لهم من مهرب من العذاب.
معنى الآيتين :
يخبر تعالى ان علم الغيب قد انحصر فيه فليس لأحد من خلقه علم الغيب وخاصة علم الساعة أى علم قيامها متى تقوم؟ كما أخبر عن واسع علمه وانه محيط بكل الكائنات فما تخرج من ثمرة من كمها (٢) وعائها وتظهر منه إلا يعلمها على كثرة الثمار والأشجار ذات الأكمام ، (وَما تَحْمِلُ (٣) مِنْ أُنْثى) بجنين ولا تضعه يوم ولادته أو إسقاطه إلا يعلمه أي يتم ذلك بحسب علمه تعالى وإذنه ، وهذه مظاهر الربوبية المستلزمة للألوهية فلا إله غيره ولا رب سواه ، ومع هذا فالجاهلون يتخذون له شركاء أندادا من أحجار وأوثان يعبدونها معه ظلما وسفها. ويوم (٤) يناديهم وذلك فى يوم القيامة أين شركائي؟ أي الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء لى ، فيتبرءون منهم ويقولون : (آذَنَّاكَ)
__________________
(١) روي أن المشركين قالوا يا محمد إن كنت نبيا فخبرنا متى قيام الساعة فنزلت (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) والرد الإرجاع.
(٢) الأكمام جمع كم بكسر الكاف وتشديد الميم والكمة بضم الكاف والتأنيث مثله وهو الجف وكفرى الطلع يقال له كفه.
(٣) فهذه ثلاثة أمور وجب رد علمها إلى الله تعالى الأول علم ما تخرجه أكمام النخل من الثمر بقدره وجودته وثباته وسقوطه والثاني حمل الأنثى من الناس والحيوان والتي تلقح والتي لا تلقح ، والثالث وقت وضع الأجنة فهذه وجب رد علمها إلى الله تعالى إذ لا يعلمها إلا هو كسائر الغيوب.
(٤) (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) : متعلق بمحذوف تقديره اذكر يوم يناديهم ، لما سألوا عن الساعة أعلمهم أن أمر علم وقتها مرده إلى الله وحده فناسب ذكر بعض أحداثها فذكر لهم ذلك.