كبير يراد منا إمضاؤه وتنفيذه لصالح غيرنا. (ما سَمِعْنا بِهذا) أي بالتوحيد (فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) أي الدين الأخير وهو ما جاء به عيسى بن مريم عليهالسلام. (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) أي ما هذا الذي يدعو إليه محمد إلا كذب اختلقه لم ينزل عليه ولم يوح به إليه. وواصلوا كلامهم قائلين (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) أي القرآن (مِنْ بَيْنِنا) وليس هو بأكبرنا سنا ولا بأشرفنا نسبا. فكيف يكون هذا؟ وقوله تعالى (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) أي لم يكن بالقوم جهل بصدق محمد في قوله وسلامة عقله ، وإنما حملهم على ذلك هو شكهم في القرآن وما ينزل به من الحق ويدعو إليه من الهدى ، وهذا أولا وثانيا إنهم لما يذوقوا عذابي إذ لو ذاقوا عذاب الله على تكذيبهم ما كذبوا ، وسوف يذوقونه ولكن لا ينفعهم يومئذ تصديق ولا إيمان. وقوله تعالى (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) أي بل أعندهم خزائن رحمة ربك يا رسولنا العزيز أي الغالب الوهاب أي الكثير العطاء من النبوة وغيرها وعندئذ لهم أن يعطوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولكن فهل لهم من خزائن رحمة ربك شيء والجواب لا إذا فلم ينكرون هبة الله لمحمد بالنبوة والوحي والرسالة ... وقوله تعالى (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي بل ألهم ملك السموات والأرض وما بينهما؟ إذا كان هذا لهم (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) سببا بعد سبب حتى ينتهوا إلى السماء السابعة ويمنعوا الوحي النازل على محمد صلىاللهعليهوسلم من ربّه سبحانه وتعالى. ومن أين لهم ذلك وهم الضعفاء الحقيرون إنهم كما قال تعالى فيهم (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ (١) مِنَ الْأَحْزابِ) أي جند حقير من جملة أحزاب الباطل والشر مهزوم هنالك ببدر ويوم الفتح بإذن الله.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ لله تعالى أن يقسم بما يشاء بخلاف العبد لا يقسم إلا بربّه تعالى.
٢ ـ بيان ما كان عليه المشركون من كبرياء وعداء للنبي صلىاللهعليهوسلم.
٣ ـ بيان جهل المشركين في استنكارهم للا إله إلا الله محمد رسول الله.
٤ ـ تحدّي الرب تعالى للمشركين إظهارا لعجزهم ودعوته لهم إلى النزول إلى الحقّ وقبوله.
٥ ـ إخبار القرآن بالغيب وصدقه في ذلك.
٦ ـ ذم كلمة الأحزاب ومدلولها إذ لا تأتي الأحزاب بخير.
__________________
(١) (جُنْدٌ ما هُنالِكَ) (ما) مزيدة للتأكيد أي تأكيد حقارة جند إن قيل التنكير للتحقير وإن كان للتعظيم فهي لتوكيده وهنالك إشارة إلى مكان بعيد ، ومهزوم مقموع ذليل قد انقطعت حجتهم وذهبت قوتهم وفي الخطاب تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم بمعنى لا تحفل بهم ولا تغتم لشأنهم.