وهو ابن خالته ، وكان رجلا فقيرا من المهاجرين ووقع في الإفك فغضب عليه أبو بكر وحلف أن يمنعه ما كان يرفده به من طعام وشراب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ولا يأتل أي ولا يحلف أصحاب الفضل والإحسان والسعة في الرزق والمعاش أن يؤتوا أولى القربى أي أن يعطوا أصحاب القرابة ، والمساكين والمهاجرين في سبيل الله كمسطح ، وليعفوا أي وعليهم أن يعفوا عما صدر من أولئك الأقرباء من الفقراء والمهاجرين ، وليصفحوا أي يعرضوا عما قالوه فلا يذكروه لهم ولا يذكرونهم به فإنه يحزنهم ويسوءهم ولا سيما وقد تابوا وأقيم الحد عليهم وقوله تعالى : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ (١) اللهُ لَكُمْ؟) فقال أبو بكر بلى والله أحب أن يغفر الله لي فعندها صفح وعفا وسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن يمينه فقال كفر عن يمينك ورد الذي كنت تعطيه لمسطح. وتقرر بذلك أن من حلف يمينا على شيء فرأى غيره خيرا منه كفر عن يمينه وأتى الذي هو خير.
وقوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فهذا إخبار منه تعالى أنه ذو المغفرة والرحمة وهما من صفاته الثابتة له وفي هذا الخبر تطميع للعباد لأن يرجوا مغفرة الله ورحمته وذلك بالتوبة الصادقة والطلب الحثيث المتواصل لأن الله تعالى لا يغفر لمن لا يستغفره ، ولا يرحم من لا يرجو ويطلب رحمته.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ لقبح فاحشة الزنى وضع الله تعالى لمقاومتها أمورا منها وضع حد شرعي لها ، ومنع تزويج الزاني من عفيفة أو عفيفة من زان إلا بعد التوبة ، ومنها شهود عدد من المسلمين إقامة الحد ومنها حد القذف ومنها اللعان بين الزوجين ، ومنها حرمة ظن السوء بالمؤمنين ، ومنها حرمة حب ظهور الفاحشة وإشاعتها في المؤمنين. ومنها وجوب الإستئذان عند دخول البيوت المسكونة ، ومنها وجوب غض البصر وحرمة النظر إلى الأجنبية ، ومنها احتجاب المؤمنة عن الرجال الأجانب ومنها حرمة حركة ما كضرب الأرض بالأرجل لإظهار الزينة. ومنها وجوب تزويج العزاب والمساعدة على ذلك حتى في العبيد بشروطها. ومنها وجوب استئذان الأطفال إذا بلغوا الحلم ، وهذه وغيرها كلها أسباب واقية من أخطر فاحشة وهي الزنى.
__________________
(١) (أَلا تُحِبُّونَ) : الاستفهام للإنكار وهو مستعمل في التحضيض والحث على السعي تحصيلا للمغفرة بالعفو والصفح.