الخوف من النار فكذبوا الله ورسوله وسبوا زوج رسول الله واتهموها بالفاحشة وأهانوا أباها ولوثوا شرف زوجها صلىاللهعليهوسلم بنسبة زوجه إلى الفاحشة.
وخلاصة الحادثة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد أن فرض الحجاب على النساء المؤمنات خرج إلى غزوة تدعى غزوة بني المصطلق أو المريسيع ، ولما كان عائدا منها وقارب المدينة النبوية نزل ليلا وارتحل ، ولما كان الرجال يرحلون النساء على الهوادج وجدوا هودج عائشة رضى الله عنها فظنوها فيه فوضعوه على البعير وساقوه ضمن الجيش ظانين أن عائشة فيه ، وما هي فيه ، لأنها ذكرت عقدا لها قد سقط منها في مكان تبرزت فيه فعادت تلتمس عقدها فوجدت الجيش قد رحل فجلست في مكانها لعلهم إذا افتقدوها رجعوا إليها وما زالت جالسة تنظر حتى جاء صفوان بن معطل السلمي رضى الله عنه وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم قد عينه في الساقة وهم جماعة يمشون وراء الجيش بعيدا عنه حتى إذا تأخر شخص أو ترك متاع أو ضاع شيء يأخذونه ويصلون به إلى المعسكر فنظر فرآها من بعيد فأخذ يسترجع أي يقول إنا لله وإنا إليه راجعون آسفا لتخلف عائشة عن الركب قالت رضى الله عنها فتجلببت بثيابي وغطيت وجهي وجاء فأناخ راحلته فركبتها وقادها بي حتى انتهينا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المعسكر ، وما إن رآني ابن أبي لعنة الله عليه حتى قال والله ما نجت منه ولا نجا منها ، وروج للفتنة فاستجاب له ثلاثة أنفار فرددوا ما قال وهم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش ، (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) هو ابن أبي المنافق وتورط آخرون ولكن هؤلاء الأربعة هم الذين أشاعوا وراجت الفتنة في المدينة واضطربت لها نفس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونفوس أصحابه وآل بيته فأنزل الله هذه الآيات في براءة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وبراءة صفوان رضى الله عنه ، ومن خلال شرح الآيات تتضح جوانب القصة.
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ (١) جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) (٢) أي إن الذين جاءوا بهذا الكذب المقلوب إذ المفروض أن يكون الطهر والعفاف لكل من أم المؤمنين وصفوان بدل الرمي بالفاحشة القبيحة فقلبوا القضية فلذا كان كذبهم إفكا وقوله : (عُصْبَةٌ) أي جماعة لا يقل عادة عددهم على عشرة أنفار إلا أن الذين روجوا الفتنة وتورطوا فيها حقيقة وأقيم عليهم الحد أربعة ابن أبي وهو الذي تولى كبره منهم وتوعده الله بالعذاب العظيم لأنه منافق كافر
__________________
(١) هذا كلام مستأنف استئنافا ابتدائيا ، والإفك : الكذب الخالص الذي لا شبهة فيه يفاجأ به المرء فيبهته فيصير بهتانا وهو مشتق من الأفك بفتح الهمزة وهو القلب ومن صوره أن يقال في الصادق كاذب والطاهر خبيث ونحو ذلك.
(٢) عصبة : خبر إنّ ، والعصبة : الجماعة يتعصب بعضهم لبعض.