مات على كفره ونفاقه ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش أخت أم المؤمنين زينب رضى الله عنها وحسان بن ثابت رضى الله عنه ، وقوله تعالى : (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ) لما نالكم من هم وغم وكرب من جرائه (بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لما كان له من العاقبة الحسنة وما نالكم من الأجر العظيم من أجل عظم المصاب وشدة الفتنة وقوله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) على قدر ما قال وروج وسيجزي به إن لم يتب الله تعالى عليه ويعفو عنه.
وقوله : (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ (١) مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) وهو عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين عليه لعنة الله.
وقوله تعالى : (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ (٢) ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) هذا شروع في عتاب القوم وتأديبهم وتعليم المسلمين وتربيتهم فقال عزوجل : (لَوْ لا) أي هلا وهي للحض والحث على فعل الشيء إذ سمعتم قول الإفك ظننتم بأنفسكم خيرا إذ المؤمنون والمؤمنات كنفس واحدة ، وقلتم لن يكون هذا وإنما هو إفك مبين أي ظاهر لا يقبل ولا يقر عليه هكذا كان الواجب عليكم ولكنكم ما فعلتم. وقوله تعالى : (لَوْ لا جاؤُ (٣) عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) أي كان المفروض فيكم أيها المؤمنون أنكم تقولون هذا لمن جاء بالافك فإنهم لا يأتون بشاهد فضلا عن أربعة وبذلك تسجلون عليهم لعنة الكذب في حكم الله. وقوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ (٤) اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ (٥) فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) هذه منة من الله تحمل أيضا عتابا واضحا إذ بولوغكم في عرض أم المؤمنين ، وما كان لكم أن تفعلوا ذلك قد استوجبتم العذاب لو لا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم العذاب العظيم. وقوله : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) أي يتلقاه بعضكم من بعض ، (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) وهذا عتاب وتأديب. وقوله : (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً) أي ليس بذنب كبير ولا تبعة فيه (وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) ، وكيف وهو يمس عرض رسول الله وعائشة والصديق وآل البيت أجمعين.
__________________
(١) الكبر : بكسر الكاف قراءة الجمهور ومعناه : أشد الشيء ومعظمه ، وقرىء كبره بضم الكاف.
(٢) كلام مستأنف مسوق لتوبيخ العصبة وفيه تربية للمسلمين وإرشاد لهم لما ينبغي أن يكونوا عليه من الآداب.
(٣) (لَوْ لا) : هذه مثل سابقتها حرف تحريض.
(٤) لو لا هذه حرف امتناع لوجود ، امتنع مس العذاب لوجود فضل الله ورحمته.
(٥) الإفاضة في القول : التوسع فيه مشتقة من إفاضة الماء على العضو.