(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) : أي لم يؤمن به ولم يقرأه ولم يعمل به.
(وِزْراً) : أي حملا ثقيلا من الآثام.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) : أي النفخة الثانية وهي نفخة البعث ، والصور هو القرن.
(زُرْقاً) : أي عيونهم زرق ووجوههم سود آية أنهم أصحاب الجحيم.
(يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ) : أي يخفضون أصواتهم يتسارون بينهم من شدة الهول.
(أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) : أي أعدلهم رأيا في ذلك ، وهذا كله لعظم الموقف وشدة الهول والفزع.
معنى الآيات :
بعد نهاية الحديث بين موسى وفرعون ، وبين موسى وبني اسرائيل قال تعالى لرسوله محمد صلىاللهعليهوسلم (كَذلِكَ نَقُصُ (١) عَلَيْكَ) أي كما قصصنا عليك ما قصصنا من نبأ موسى وفرعون وخبر موسى وبني إسرائيل نقص عليك (مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ) أي أحداث الأمم السابقة ليكون ذلك آية نبوتك ووحينا إليك ، وعبرة وذكرى للمؤمنين. وقوله تعالى : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (٢) أي وقد أعطيناك تفضلا منا ذكرا وهو القرآن العظيم يذكر به العبد ربه ويهتدي به إلى سبيل النجاة والسعادة ، وقوله (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) أي عن القرآن فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه (فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) أي اثما عظيما لأنه لم يعمل صالحا وكل عمله كان سيئا لكفره وعدم إيمانه ، (خالِدِينَ فِيهِ) أي في ذلك الوزر في النار ، وقوله (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) أي قبح ذلك الحمل حملا يوم القيامة إذ صاحبه لا ينجو من العذاب بل بطرح معه في جهنم يخلد فيها وقوله (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ) أي المكذبين بالدين الحق العاملين بالشرك والمعاصي (يَوْمَئِذٍ) أي يوم ينفخ في الصور النفخة الثانية (زُرْقاً) (٣) أي الأعين مع اسوداد الوجوه وقوله : (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ) أي يتهامسون بينهم يسأل بعضهم بعضا كم لبثتم في الدنيا وفي القبور فيقول البعض : (إِنْ لَبِثْتُمْ (٤) إِلَّا عَشْراً) أي ما لبثتم إلا
__________________
(١) الكاف من كذلك في محل نصب لأنها بمعنى مثل : نعت لمصدر محذوف تقديره : نقص عليك قصصا من أنباء ما قد سبق مثل ما قصصنا عليك هذا القصص.
(٢) ويطلق الذكر على الشرف أيضا ، وعلى ما يذكر به الله تعالى من قول والمراد به هنا القرآن الكريم.
(٣) الزّرق : خلاف الكحل ، والعرب تتشاءم بزرق العيون وتذمه وسبب هذه الزرقة هو شدة العطش.
(٤) أي : في الدنيا أو في القبور.