الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤))
شرح الكلمات :
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) : أي غاب عنهم ما كانوا يدعونه من شركاء لله تعالى.
(لا جَرَمَ) : أي حقا وصدقا أنهم في الآخرة هم الأخسرون.
(وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) : أي تطامنوا أو خشعوا لربهم بطاعته وخشيته.
(مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) : أي فريق المؤمنين وفريق الكافرين.
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) : أي تتعظون ، فتستغفروا ربكم ثم تتوبوا إليه.؟
معنى الآيات :
ما زال السياق في تحديد المجرمين وبيان حالهم في الآخرة فقال تعالى (أُولئِكَ) أي البعداء (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) حيث استقروا في دار الشقاء فخسروا كل شيء حتى أنفسهم ، (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي وغاب عنهم ما كانوا يزعمون أن لهم شركاء ، وأنهم يشفعون لهم وينصرونهم قال تعالى : (لا جَرَمَ) (١) أي حقا (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ) أي في دار الآخرة (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أي الأكثر خسرانا من غيرهم لأنهم أضافوا إلى جريمة كفرهم جريمة تكفير غيرهم ممن كانوا يدعونهم إلى الضلال ، ويصدونهم عن الإسلام سبيل الهدى والنجاة من النار. ولما ذكر تعالى حال الكافرين وما انتهوا إليه من خسران. ذكر تعالى حال المؤمنين فقال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (٢) أي آمنوا بالله وبوعده ووعيده. وآمنوا برسول الله وبما جاء به ، وعملوا الصالحات التي شرعها الله
__________________
(١) (لا جَرَمَ) كلمة : جزم ويقين ، واختلف في تركيبها وأظهر أقوالهم فيها : أن تكون لا : حرف نفي ، وجزم : بمعنى محالة. ويصح معنى الكملة. لا محالة أو : لا بدّ أن يكون كذا وكذا ، أو لتفسّر بحقا ، ولا محالة ولا بد ، إذ جرم مأخوذ من الجرم الذي هو القطع.
(٢) الموصول : اسم إنّ ، وآمنوا : صلة (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) معطوفان على الاسم ، والخبر : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) وجملة (هُمْ فِيها خالِدُونَ) جملة بيانية أي مبيّنة لحال أهل الجنة.