تعالى لهم من صلاة وزكاة (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) أي أسلموا له وجوههم وقلوبهم وانقادوا له بجوارحهم فتطامنوا وخشعوا أؤلئك أي السامون أصحاب الجنة أي أهلها (هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي لا يبرحون منها ولا يتحولون عنها ، هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث أما الآية الرابعة (٢٤) وهي قوله تعالى (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى (١) وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً)؟ فقد ذكر تعالى مقارنة بين أهل الشرك وأهل التوحيد توضيحا للمعنى وتقريرا للحكم فقال (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) أي صفة الفريقين الموضحة لهما هي كالأعمى والأصم وهذا فريق الكفر والظلم والسميع والبصير. وهذا فريق أهل الإيمان والتوحيد فهل يستويان مثلا أي صفة الجواب لا ، لأن بين الأعمى والبصير تباينا كما بين الأصم والسميع تباينا فأي عاقل يرضى أن يكون العمى والصمم وصفا له ولا يكون البصر والسمع وصفا له؟ والجواب لا أحد إذا (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أي أفلا تتعظون بهذا المثل (٢) وتتوبوا إلى ربكم فتؤمنوا به وتوحدوا وتؤمنوا برسوله وتتبعوه ، وبكتابه وتعملوا بما فيه؟
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ استحسان المقارنات بين الأشياء المتضادة للعبرة والاتعاظ.
٢ ـ الكافر ميت موتا معنويا فلذا هو لا يسمع ولا يبصر ، والمسلم حيّ فلذا هو سميع بصير.
٣ ـ بيان ورثة دار النعيم وهم أهل الإيمان والطاعة ، وورثة دار الخسران وهم أهل الكفر والظلم.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ
__________________
(١) فريق الإيمان ، وفريق الكفر والشرك.
(٢) المثل الذي كشف الحقيقة وبيّن أنّ الكفار عمي صم ، وأنّ المؤمنين يبصرون ويسمعون ، فأي عاقل يرضى أسوأ الوصفين؟!