المجد والكمال ، والى الدرجات العلا في الدار الآخرة ، (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) أي مال إليها وركن فأكب على الشهوات والسرف في الملذات ، وأصبح لا هم له إلا تحصيل ذلك (وَاتَّبَعَ هَواهُ) وترك عقله ووحي ربه عنده ، فصار مثله أي صفته الملائمة له (كَمَثَلِ الْكَلْبِ) أي في اللهث والإعياء ، والتبعية وعدم الاستقلال الذاتي (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) فحيرته وتعبه لا ينقطعان أبدا. وقوله تعالى (ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي هذا المثل الذي ضربناه لذلك الرجل الذي آتيناه آيتنا فانسلخ منها وكان من أمره ما قصصنا عليك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا في كل زمان ومكان ، وعليه (فَاقْصُصِ) يا رسولنا (الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أي لعل قريشا تتفكر فتعتبر وترجع إلى الحق فتكمل وتسعد ، وقوله تعالى (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) أي قبح مثلا مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فجحدوا بها حتى لا يوحدوا الله تعالى ولا يسلموا اليه ، (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) بتدنيسها بآثار الشرك والمعاصي وقوله تعالى (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) أي من وفقه الله تعالى للهداية (١) فآمن وأسلم واستقام على منهاج الحق فهو المهتدي بحق ومن خذله الله لشدة إعراضه عن الحق وتكبره عنه فضل بإضلال الله تعالى له فأولئك هم الخاسرون الخسران الحق المبين.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ خطر شأن هذا الخبر الذي أمر تعالى رسوله أن يتلوه على الناس.
٢ ـ ترك القرآن الكريم بعدم تلاوته والتدبر فيه ، وترك العمل به مفض بالعبد الى أن يكون هو صاحب المثل في هذه الآية ، فأولا يتمكن منه الشيطان فيصبح من الغواة وثانيا يخلد إلى الأرض كما هو حال الكثيرين فلا يكون لأحدهم هم إلا الدنيا. ثم يتبع هواه لا عقله ولا شرع الله ، فإذا به صورة لكلب يلهث لا تنقطع حيرته واتباعه لغيره كالكلب سواء بسواء وهذه حال من أعرضوا عن كتاب الله تعالى في هذه الآية فليتأملها العاقل.
٣ ـ لا رفعة ولا سيادة ولا كمال إلا بالعمل بالقرآن فهي الآية الرافعة لقوله تعالى (وَلَوْ شِئْنا
__________________
(١) الهداية : هي إبانة الطريق الموصل إلى السعادة والكمال.