واستدل على إثبات
صفة القدم بقوله : (لأنّه
لو كان حادثا افتقر إلى محدث ، فينتقل الكلام إلى ذلك المحدث ، فإن كان قديما فهو
المراد بالله) أي : فهو مسمى كلمة الجلالة (وإلّا) أي : وإن لم يكن قديما كان حادثا و (نقلنا الكلام إلى
محدثه وهكذا ، فإن تسلسل) لا إلى نهاية (لزم
عدم حصول حادث منها أصلا) كما ذكرناه في الأصل السابق من أن المحال الذي هو وجود حوادث لا أول لها
يستلزم استحالة وجود الحادث الحاضر ، وهو خلاف المعلوم ضرورة ، بل اللزوم هنا (بأولى) أي : بطريق هو أولى (مما ذكرناه) أي : من الطريق الذي ذكرناه (في) استلزام (حوادث
لا أول لها) استحالة وجود
الحادث الحاضر (لأن
هذا الترتيب علّيّ ،) أي : ترتيب معلول على علة ، فكل مرتبة من مراتبه علة لوجود ما يليها (غير أن إيجاد كل
للآخر) الذي يليه (بالاختيار) كما ينبه عليه قولهم : «افتقر إلى محدث».
وهذا الاستدراك
للتنبيه على أن قولنا : «عليّ» ليس على طريقة الفلاسفة ، وهي أن العلة توجب
المعلول .
(وذلك) الطريق المذكور في حوادث لا أول لها (لم يفرض فيه غير
مجرّد ترتب تلك الحوادث ،) في الوجود دون تعرّض لكون كل منها علة لوجود ما يليه (لكن حصول الحوادث
ثابت) ضرورة بالحس
والعقل (فيجب
أن ينتهي) حصولها في الوجود
(إلى
موجد لا أوّل له ، ولا يراد بالاسم الذي هو الله إلا ذلك) الموجد الذي لا أول له (تعالى وتقدّس عن كل نقيصة) سبحانه.
قال
إمام الحرمين رحمهالله تعالى في «الإرشاد»
: «فإن قيل في إثبات
موجود لا أول له إثبات أوقات متعاقبة لا نهاية لها إذ لا يعقل استمرار وجود إلا في أوقات ، وذلك يؤدي إلى
إثبات حوادث لا أول لها ، أي : وقد تبين بطلانه.
__________________